وأمّا القسم الثاني فالحقّ فيه هو التفصيل ، بمعنى أنّه إن كان التكليف وجوبيّا وشككنا في مصداقيّة فرد للعام المجموعي ، فالمرجع هو الاشتغال ، فيجب الإتيان بالفرد المشكوك ، فمثلا : إذا قال المولى : «أكرم مجموع العلماء» وشككنا في عالميّة «زيد» يجب إكرامه ؛ لأنّ ترك إكرامه والاكتفاء بإكرام من علم كونه عالما يوجب الشكّ في تحقّق عنوان المأمور به ، وهو إكرام مجموع العلماء من حيث المجموع ، وعند الشكّ في المحصّل وانطباق المأمور به على المأتي به تجري قاعدة الاشتغال لا محالة ، ومعلوم أنّ دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين في الشبهة الموضوعيّة يكون مجرى للاحتياط ، فإنّ اشتغال الذمّة اليقيني يقتضي البراءة اليقينيّة.
وأمّا إن كان التكليف تحريميّا فلا إشكال في جريان البراءة ، وذلك لجواز ارتكاب بعض الأفراد المعلومة فضلا عن الفرد المشكوك فيه ؛ ضرورة أنّ المنهي عنه في هذا القسم هو ارتكاب المجموع من حيث المجموع ، ومن الواضح أنّه مع ترك بعض الأفراد وارتكاب البعض الآخر يصدق أنّه لم يرتكب المجموع من حيث المجموع ، فلا يكون عاصيا ، بل لو ترك فردا واحدا من الطبيعة وارتكب باقي الأفراد بأجمعها يكون مطيعا. نعم ، لا يصحّ الاكتفاء ببقاء الفرد المشكوك الفرديّة ؛ إذ لم يحرز ببقائه عدم تحقّق المنهي عنه.
وأمّا القسم الثالث فالحقّ فيه هو التفصيل أيضا ، ففي جانب الحكم الوجوبي لا يمكن الاكتفاء في مقام الامتثال بالفرد المشكوك ، بل لا بدّ من الإتيان بما هو متيقّن الفرديّة للطبيعة ؛ إذ مع الشكّ في انطباق المأمور به على المأتي به يجري الاشتغال ، وأمّا في جانب الحكم التحريمي فتجري البراءة في الفرد المشكوك بلا إشكال ، فلا يجب الاجتناب عنه ؛ إذ الشكّ حينئذ ليس شكّا في سقوط التكليف حتّى يكون موردا للاشتغال ، وإنّما هو شكّ في ثبوت