المعرفة التفصيليّة ؛ لكون المغيّا عبارة عن العلم الإجمالي بوجود الحرام بين الأشياء ، فلا بدّ من كون الغاية عبارة عن العلم التفصيلي.
كما أنّه بناء على الاحتمال الثالث لا بدّ أن يكون المراد بها هذه المعرفة ؛ لاستهجان جعل الغاية للشبهة البدوية أعمّ من المعرفة الإجماليّة ، مع أنّ المغيّا شامل لصورة العلم الإجمالي أيضا ، فلا بدّ أن يكون المراد من الغاية بالنسبة إليها المعرفة التفصيليّة.
وكيف كان ، فالروايتان بناء على الاحتمالين الأخيرين تدلّان على جعل الحلّيّة والترخيص في أطراف العلم الإجمالي.
والظاهر أن الاحتمالين الأخيرين أقرب من الأوّل ؛ إذ المستفاد من قوله : «كلّ شيء فيه حلال وحرام» أنّه مورد ابتلاء المكلّف بالفعل من حيث الحلّيّة والحرمة.
ومثل الروايتين المذكورتين في الدلالة على جعل الحلّيّة والترخيص رواية مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : «كلّ شيء هو لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ، والمملوك عندك ، ولعلّه حرّ قد باع نفسه أو خدع فبيع قهرا ، أو امرأة تحتك وهي اختك أو رضيعتك ، والأشياء كلّها على هذا ، حتّى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البيّنة» (١).
فإنّ المراد بالشيء هو كلّ ما شكّ في حلّيّته وحرمته ، والغاية هو العلم بحرمة نفس ذلك الشيء المشكوك ، فتشمل الشبهة المحصورة المقرونة بالعلم الإجمالي ؛ لكون كلّ واحد من أطراف العلم الإجمالي مشكوك الحلّيّة والحرمة ،
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ٨٩ ، الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ٤.