للتكليف المعلوم في البين ، فهي لا تجري إن لزم من جريانها ذلك ، وتجري إن لم يلزم (١) ، انتهى ملخّصا.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ كون الاستصحاب من الاصول التنزيليّة بالمعنى الذي أفاده محلّ نظر ، بل منع ، فإنّ الكبرى المجعولة في أدلّته ليست إلّا حرمة نقض اليقين بالشكّ ، وظاهرها هو وجوب ترتيب آثار المتيقّن في ظرف الشكّ ، وتطبيق عمله على عمل المتيقّن.
وأمّا البناء على أنّه هو الواقع وإلغاء الطرف الآخر وجعل الشكّ كالعدم فلا يستفاد من شيء من الأخبار الواردة في الاستصحاب ، كيف واعتبار إلغاء الشكّ وجعله كالعدم في عالم التشريع لا يجتمع مع اعتباره في الصغرى بقوله عليهالسلام : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت»؟ فلا يظهر من أخبار الاستصحاب إلّا مجرّد ترتيب آثار الواقع في مقام العمل ، لا الأخذ بالطرف الموافق للحالة السابقة بما أنّه هو الواقع.
وثانيا : لو سلّم كون الاستصحاب من الاصول التنزيليّة فلا نسلّم عدم جريانه في أطراف العلم الإجمالي ، فإنّ كلّا منها مشكوك فيه مسبوق بالحالة السابقة ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه.
وما أفاده من أنّ الإحراز التعبّدي لا يجتمع مع الإحراز الوجداني بالخلاف ممنوع ؛ لعدم الدليل على عدم إمكان الاجتماع ، فإنّ للشارع في عالم التشريع أن يتعبّدنا بترتيب آثار الوجود على ما ليس بموجود ، أو بترتيب آثار الميّت على من ليس بميّت كما في المرتدّ الفطري ، وأن يتعبّدنا بالتفكيك بين المتلازمين الشرعيّين ، كطهارة البدن وبقاء الحدث عند الوضوء بمائع مردّد بين البول
__________________
(١) فوائد الأصول ٤ : ١٤ ـ ١٧.