بحسب الواقع لا يلازم التلازم بحسب الظاهر (١). انتهى.
والجواب عنه : أوّلا بالنقض بما إذا علم بجنس التكليف ، ودار الأمر بين وجوب شيء وحرمة شيء آخر ، مع كونهما مسبوقين بالعدم ، فيكون الأصلان متخالفين ، فإنّ أصل عدم الوجوب يخالف أصالة عدم الحرمة ، ولا يكون بينهما توافق كما هو واضح ، وحينئذ فيصير من قبيل القسم الثاني ، مع أنّه لا يلتزم بالجريان في هذه الصورة.
وثانيا : أنّ الفرق بين القسمين ليس بواضح ؛ لأنّ جريان الاستصحاب في القسم الأوّل في كلّ واحد من الإنائين لا ينافي العلم بالطهارة أو النجاسة ، ولا يكون المجموع من حيث هو مجموع موردا لجريان الاستصحاب حتّى يكون منافيا للعلم التفصيلي بالخلاف ، بل مورده كلّ واحد منهما بالخصوص ، ولا ينافي شيء من الأصلين للعلم الإجمالي ، غاية الأمر أنّه بعد جريانهما يقطع بكذب أحدهما ؛ للعلم الإجمالي بالطهارة أو النجاسة ، فلم يظهر فرق بينه وبين القسم الثاني.
ومجرّد توافق الأصلين في الأوّل وتخالفهما في الثاني لا يوجب الفرق بينهما بعد كون الأوّل أيضا مصداقين لحرمة النقض بالشكّ لا مصداقا واحدا.
والحاصل : أنّ المعلوم بالإجمال إن كان تكليفا فعليّا حتميّا لا يرضى المولى بتركه بأيّ وجه من الوجوه يكون العلم الإجمالي فيه علّة تامّة لحرمة المخالفة القطعيّة ووجوب الموافقة القطعيّة بمقتضى حكم العقل ، فلا يمكن الترخيص من المولى في هذا المورد ، وأمّا إن كان التكليف الفعلي المستفاد من الإطلاق أو العموم أو الدليل المعتبر أو الأمارة المعتبرة ، فيكون العلم الإجمالي فيه علّة
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٦٩٤ ـ ٦٩٥.