به أحد ، والقول بالتداخل يحتاج إلى دليل.
الطريق الثالث : أن يقول الشارع في الابتداء : «لا تشرب الخمر» ثمّ قال : «كلّ معلوم الحرمة حرام بالحرمة الاستقلاليّة» ، وهو مستلزم للتسلسل ، فإنّه من القضايا الحقيقيّة التي تشمل نفسها ؛ إذ لا شكّ في كون معلوم الحرمة من المحرّمات الواقعيّة ، ففي كلّ مورد صدق عنوان «حرام» ينطبق هذا الكلّي عليه ، وهذا ينتهي إلى التسلسل.
الجهة الثالثة في التجرّي : أنّه يوجب استحقاق العقوبة أم لا؟ واختار صاحب الكفاية قدسسره (١) والمحقّق الأصفهاني قدسسره (٢) القول بثبوت استحقاق العقوبة في مورده ، وخالفهما الشيخ الأعظم الأنصاري (٣) والمحقّق النائيني قدسسرهما (٤) ، وقد عرفت عدم ثبوت حرمته ولكن مع ذلك قال المحقّق الخراساني قدسسره : بأنّ الحقّ أنّه يوجبه ؛ لشهادة الوجدان بصحّة مؤاخذة المتجرّي وذمّه على تجرّيه ، وهتك حرمته لمولاه ، وخروجه عن رسوم عبوديّته ، وكونه بصدد الطغيان وعزمه على العصيان ، ولا تفاوت بين المعصية والتجرّي من هذه الناحية ؛ إذ الوجدان يشهد بوحدة مناط استحقاق العقوبة فيهما.
وقال المحقّق الأصفهاني قدسسره (٥) توضيحا لذلك : إنّ مناط استحقاق العقوبة في مورد المعصية وارتكاب الحرمة ، هل يكون صرف مخالفة التكليف التحريمي ، أو تفويت غرض المولى ، أو اشتمال الشيء الحرام على مفسدة لازمة
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ١٠.
(٢) نهاية الدراية ٣ : ٤١.
(٣) الرسائل : ٥.
(٤) فوائد الاصول ٣ : ٤٩.
(٥) نهاية الدراية ٣ : ٢٩.