الاجتناب؟ ومعلوم أنّ الجميع لا يصلح أن يكون مناطا له ، فإنّها تتحقّق في مورد ارتكاب الحرام جهلا ، ولكن مع ذلك لا خلاف في أنّ الجاهل لا يستحقّ العقوبة ، ومن هنا نستكشف أنّه يتحقّق في المعصية الواقعيّة مناط آخر لاستحقاق العقوبة ، وهو الطغيان في مقابل المولى والخروج عن رسم العبوديّة والعزم على العصيان ، وهتك حرمة المولى ، وتتحقّق هذه العناوين في المتجرّي أيضا من دون فرق بينهما.
ولكن لا بدّ لنا من ذكر أمرين بعنوان المقدّمة للبحث :
الأوّل : أن يكون وحدة الملاك لاستحقاق العقوبة في المعصية الواقعيّة مفروغا عنه ، ومن الامور المسلّمة.
الأمر الثاني : أن يكون الملاك في باب التجرّي لاستحقاق العقوبة عين ما هو الملاك له في المعصية الواقعيّة ، فيتوقّف إثبات استحقاق العقوبة في مورد التجرّي على إحراز المناط في المعصية وجريانه بعينه في التجرّي.
إذا عرفت ذلك فنقول : لا شكّ في عدم صلاحية تصوّر شرب الخمر ـ مثلا ـ لأن يكون مناطا لاستحقاق العقوبة في المعصية ، كما أنّ التصديق بفائدته لا يصلح لذلك ، وهكذا إرادته والعزم على ارتكابه ؛ إذ العقل حاكم بعدم استحقاق العقوبة بمجرّد نيّة المعصية قبل تحقّقها خارجا.
ولكن تدلّ عدّة روايات على تحقّق استحقاق العقوبة في مورد نيّة المعصية ، وعدّة منها على عدم تحقّقه فيه ، ولا بدّ من حمل الروايات النافية على نفي العقوبة الفعليّة ، والمثبتة على استحقاق العقوبة بعد فرض تماميّتها سندا ودلالة ، إلّا أنّه مستلزم لتحقّق العقوبتين في مورد المعصية ؛ إذ لا شكّ في الفرق شرعا بين من عزم على ارتكاب المعصية ولكنّها لم تتحقّق منه لمانع خارجي ومن