الاصوليّون أدلّة مختلفة له :
منها : ما ذكره المحقّق الحائري وهو : «أنّ البيان المصحّح للعقاب عند العقل ـ وهو العلم بوجود مبغوض المولى بين امور ـ حاصل ، وإن شكّ في الخطاب الفعلي من جهة الشكّ في حسن التكليف وعدمه.
وهذا المقدار يكفي حجّة عليه ، نظير ما إذا شك في قدرته على إتيان المأمور به وعدمها بعد إحراز كون ذلك الفعل موافقا لغرض المولى ومطلوبا له ذاتا ، وهل له أن لا يقدم على الفعل بمجرّد الشكّ في الخطاب الفعلي الناشئ من الشكّ في قدرته؟ والحاصل : أنّ العقل بعد إحراز المطلوب الواقعي للمولى أو مبغوضه لا يري عذرا للعبد في ترك الامتثال» (١). انتهى.
وجوابه : ـ بعد عدم صحّة تشبيه ما نحن فيه بالشبهة الموضوعيّة ، أي الشكّ في القدرة العقليّة ـ أنّ طريق استكشاف غرض المولى عبارة عن تحقّق التكليف والعلم به ، والتكليف مشروط بالقدرة العاديّة ، والشكّ في كون بعض الأطراف موردا للابتلاء وعدمه يرجع إلى الشكّ في التكليف الفعلي ، فكيف يمكن إحراز غرض المولى ، فلا يكون العلم بالغرض مع الشكّ في توجّه التكليف الفعلي قابلا للاجتماع ، فلا يمكن إثبات وجوب الاحتياط بهذا الدليل.
ويستفاد من كلام الشيخ الأنصاري رحمهالله استدلالا مختصرا ، وهو قوله : «وأمّا لو شكّ في قبح التنجيز فيرجع إلى الإطلاقات» (٢).
وكان للمحقّق النائيني رحمهالله في مقام توضيح كلام الشيخ بيان مفصّل ، ونذكره هنا ملخّصا : لا إشكال في إطلاق ما دلّ على حرمة الخمر ـ مثلا ـ وشموله
__________________
(١) درر الفوائد : ٤٦٥.
(٢) فرائد الاصول ٢ : ٥١٦.