لصورتي الابتلاء وعدمه ، والقدر الثابت من التقييد عقلا هو ما إذا كان الخمر خارجا عن مورد الابتلاء بحيث يلزم استهجان النهي عنه بنظر العرف ، فإذا شكّ في استهجان النهي وعدمه لأجل الشكّ في إمكان الابتلاء وعدمه فالمرجع هو الإطلاق ؛ لأنّ التخصيص بالمجمل مفهوما المردّد بين الأقلّ والأكثر لا يمنع من التمسّك بالعام فيما عدا القدر المتيقّن ، بل الجواز في المقام أولى من غيره ؛ لأنّ المقيّد فيما نحن فيه هو حكم العقل ، وفي المقيّدات اللبيّة يجوز التمسّك بالعامّ في الشبهات المصداقيّة فضلا عن الشبهات المفهوميّة إذا كان الترديد بين الأقلّ والأكثر ، كما في المقام.
وبالجملة ، لا ينبغي التأمّل في جواز التمسّك بإطلاق أدلّة المحرّمات الواردة في الكتاب والسنّة.
فان قلت : المخصّص المجمل المتّصل بالعام يسري إجماله إلى العام ، ولا ينعقد له ظهور في جميع ما يحتمل انطباق مفهوم المخصّص عليه إذا كان المخصّص لفظيّا أو عقليّا ضروريا ، سواء كان إجماله لأجل تردّده بين المتباينين أو بين الأقلّ والأكثر ، والتفصيل بينهما إنّما هو في المخصّص اللفظي المنفصل أو ما بحكمه من العقل النظري ، وأمّا العقل الضروري فحكمه حكم المتّصل ؛ لأنّ المخصّص إذا كان ضروريّا فبمجرّد صدور العامّ ، من المتكلّم ينتقل الذهن إليه ويكون كالقرينة المحتفّة بالكلام يسري إجماله إليه ، وهذا بخلاف العقل النظري ، فإنّه لا ينتقل الذهن إليه إلّا بعد الالتفات إلى المبادئ التي أوجبت حكم العقل ، وقد لا تكون المبادئ حاضرة ، فلا يمنع عن انعقاد الظهور للعامّ ولا يسري إجماله إليه ، ومن المعلوم أنّ المخصّص في المقام إنّما يكون من الأحكام العقليّة الضروريّة ؛ لأنّ ضرورة العقل قاضية باستهجان النهي عمّا لا يمكن الابتلاء به ،