كما لا يخفى.
قلت : أوّلا : يمكننا منع كون المخصّص في المقام من الضروريّات العقليّة المرتكزة في أذهان العرف والعقلاء.
وثانيا : أنّ سراية إجمال المخصّص اللفظي المتّصل أو العقلي الضروري إلى العامّ إنّما هو فيما إذا كان الخارج عن العموم عنوانا واقعيّا غير مختلف المراتب ، وتردّد مفهومه بين الأقلّ والأكثر ، كما لو تردّد مفهوم «الفاسق» الخارج عن عموم «أكرم العلماء» بين أن يكون خصوص مرتكب الكبيرة أو الأعمّ منه ومن مرتكب الصغيرة ، وأمّا إذا كان الخارج عنوانا ذا مراتب مختلفة وعلم بخروج بعض مراتبه عن العامّ وشكّ في خروج بعض آخر فإجماله لا يسري إلى العامّ ؛ لأنّ الشكّ في مثل هذا يرجع إلى الشكّ في ورود مخصّص آخر للعامّ غير ما علم التخصيص به ، فتأمّل (١).
وحاصل ما يستفاد من ذيل كلامه : أنّه كما أنّ في المخصّصات اللفظيّة قد يكون المخصّص متّصلا وقد يكون منفصلا ، كذلك في المخصّصات العقليّة قد يكون المخصّص متّصلا وهو ما كان عقليّا ضروريّا ، وقد يكون منفصلا وهو ما كان عقليّا نظريّا ، فإن كان عقليّا ضروريّا يلتفت الإنسان لا محالة من استماع العامّ إلى المخصّص بدون الاحتياج إلى التأمّل والتوجّه إلى المبادئ ، وإن كان عقليّا نظريّا لا بدّ بعد استماع العامّ من تحقّق المقدّمات حتّى ينتقل إلى المخصّص ، كأنّه يحتاج إلى الزمان ، فحكمه حكم المخصّص المنفصل من حيث انعقاد الظهور للعامّ في العموم من حين صدوره.
وتقدّم الدليل المخصّص عليه يكون من باب أقوائيّة الحجّيّة ، لا من باب
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٥٧ ـ ٦٠.