الثاني : أنّ المأمور الذي امر بإيجاد مركّب اعتباري إذا قصد امتثال الأمر والإتيان بالمأمور به تتعلّق إرادته أوّلا بنفس المركّب الذي هو أمر واحد ، وربّما لا تكون الأجزاء حينئذ ملحوظة له ومتوجّها إليها أصلا ، ثمّ بعد ما يتوجّه إلى تلك الأجزاء التي يتحصّل المركّب منها تتعلّق إرادة اخرى بإيجادها في الخارج حتّى يتحقّق المجموع. هذا في المأمور.
وأمّا الآمر فالآمر فيه بالعكس ، فإنّه يتصوّر أوّلا الأجزاء والشرائط كلّ واحد منها مستقلّا ، ثمّ يلاحظ أنّ الغرض والمصلحة تترتّب على مجموعها ، بحيث يكون اجتماعها مؤثّرا في حصول الغرض ، فيلاحظها أمرا واحدا وتعلّق أمره به ، ويحرّك المكلّف نحو إتيانه ، فهو ينتهي من الكثرة إلى الوحدة ، كما أنّ المأمور ينتهي من الوحدة إلى الكثرة.
الثالث : الأمر المتعلّق بالمركّب الاعتباري لا يكون إلّا أمرا واحدا متعلّقا بأمر واحد ، والأجزاء لا تكون مأمورا بها أصلا ؛ لعدم كونها ملحوظة إلّا فانية في المركّب ، بحيث لا يكون لها وجود استقلالي ، غاية الأمر أنّ كلّ جزء مقدّمة مستقلّة لتحقّق المأمور به ، وهي مقدّمة داخليّة في مقابل المقدّمة الخارجيّة.
والفرق بين قسمي المقدّمة : أنّ المقدّمة الخارجيّة يكون الداعي إلى إتيانها أمر آخر ناش عن الأمر بذي المقدّمة بناء على وجوب المقدّمة ، أو اللزوم العقلي بناء على عدم الوجوب ، والمقدّمات الداخليّة يكون الداعي إليها هو نفس الأمر المتعلّق بذي المقدّمة ؛ لعدم كون المركّب مغايرا لها ؛ لأنّه إجمالها وصورتها الوحدانيّة ، وهي تفصيله وتحليله ، وهو لا ينافي مقدميّة الأجزاء ؛ لأنّ المقدّمة إنّما هي كلّ جزء مستقلّ لا مجموع الأجزاء.
وبالجملة ، فالأمر المتعلّق بالمركّب يدعو بعينه إلى الأجزاء ، ولا يلزم من