مدفوعة ؛ بأنّه يكفي في جريان الأصل ترتّب الأثر عليه ولو في بعض الموارد ، وهنا كذلك ، فإنّ جريان أصل البراءة عن الوجوب النفسي المجهول المتعلّق بالأقلّ يترتّب عليه الأثر فيما لو سقط الجزء المشكوك عن الجزئيّة لتعذّر ، فالأمر دائر بعد فرض تعذّر الجزء المشكوك بأنّ بقيّة الأجزاء يجب إتيانها بالوجوب النفسي أم لا؟ وجريان أصالة البراءة فيه مستلزم لعدم وجوب الإتيان ببقيّة الأجزاء ، فهذا الأثر في هذا المورد يكفي لإمكان جريان أصالة البراءة عن الوجوب النفسي المتعلّق بالأقلّ مطلقا ، فلذا يكون الأصل الجاري عن الوجوب النفسي المتعلّق بالأقلّ معارضا للأصل الجاري عن الوجوب النفسي المتعلّق بالأكثر.
وبالجملة ، فلو كان مجرى البراءة هو الوجوب النفسي المتعلّق بالأكثر لكان الأصل الجاري فيه معارضا بالأصل الجاري في الأقلّ.
وأمّا لو كان مجراها هي جزئيّة الجزء المشكوك فلا مانع من جريان حديث الرفع ؛ لنفيه وتعيين المأمور به في الأقلّ على مختار صاحب الكفاية.
ثمّ استشكل على نفسه قائلا لا يقال : إنّ مجرى الحديث عبارة عن المجعول الشرعي ، أو موضوعا للأثر الشرعي ، ولا تكون الجزئيّة قابلة للوضع ولا للرفع ، بل كلّ واحد منهما يتعلّق بمنشإ انتزاعه ، وهو الوجوب النفسي المتعلّق بالمركّب وما يترتّب عليها من الأثر من لزوم الإعادة ، وهو من الأحكام العقليّة ولا يرتبط بالحكم الشرعي.
وأجاب عنه : أنّ الجزئيّة قابلة للوضع والرفع الشرعي باعتبار منشأ انتزاعها ، فلا مانع من رفع الجزئيّة بالحديث المذكور (١).
__________________
(١) كفاية الاصول ٢ : ٢٣٥.