على سبيل العام المجموعي ، ودار أمرهم بين مائة أو أزيد للشكّ في عالميّة زيد ـ مثلا ـ فمرجع الشكّ حقيقة إلى الشكّ في كون إكرام مجموع العلماء الذي أمر به هل يتحقّق في الخارج بالاقتصار على إكرام المائة ، أو لا بدّ من ضمّ إكرام زيد المشكوك كونه عالما ، وليس إكرام مجموع العلماء أمرا آخر متحصّلا من إكرام المائة أو مع إضافة الفرد المشكوك ، بل هو عينه ، فالشكّ في الشبهة الموضوعيّة إنّما هو في نفس تحقّق المأمور به وانطباق عنوانه على المأتي به في الخارج ، غاية الأمر أنّ منشأ الشكّ هو الاشتباه في الامور الخارجيّة.
وممّا ذكرنا من الفرق بين الشكّ في المحصّل والشبهة الموضوعيّة يظهر أنّ المثالين اللذين أوردهما الشيخ الأنصاري رحمهالله مثالا للشبهة الموضوعيّة لا إشكال فيهما أصلا ، حيث قال : ومنه ـ يعنى من جملة ما إذا أمر بمفهوم مبيّن مردّد مصداقه بين الأقلّ والأكثر ـ ما إذا وجب صوم شهر هلالي ـ وهو ما بين الهلالين ـ فشكّ في أنّه ثلاثون أو ناقص ، ومثل ما أمر بالطهور لأجل الصلاة ـ أعني الفعل الرافع للحديث أو المبيح للصلاة ـ فشكّ في جزئيّة شيء للوضوء أو الغسل الرافعين (١). انتهى.
ضرورة أنّ دوران الأمر بين كون الشهر تامّا أو ناقصا لا يكون من قبيل الترديد في سبب المأمور به ومحصّله ، بل إنّما يكون الترديد في نفس تحقّق المأمور به ـ وهو صوم شهر هلالي ـ وأنّه هل يتحقّق بالاقتصار على الأقلّ أم لا؟ ومنشأ الشكّ فيه إنّما هو الاشتباه في الامور الخارجيّة.
وأمّا المثال الثاني فالمراد منه كما يقتضيه التدبّر في العبارة ليس أن يكون المأمور به هو الطهور الذي هو ضدّ الحدث ، ويتحقّق بالوضوء أو الغسل حتّى
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٧٨.