بأمر أصلا ، غاية الأمر عدم استمرار الأمر الفعلي بالصلاة مع السورة إليه ؛ لاستحالة تكليف الغافل ، فالتكليف ساقط عنه ما دام الغفلة ، نظير من غفل عن الصلاة رأسا أو نام عنها ، فإذا التفت إليها والوقت باق وجب عليه الإتيان به بمقتضى الأمر الأوّل (١). انتهى موضع الحاجة من نقل كلامه ، زيد في علوّ مقامه.
ولكنّ التحقيق في الجواب أن يقال : إنّه يمكن القول بجريان البراءة عن الجزئيّة في حال السهو مع عدم الالتزام باختصاص الغافل بخطاب آخر خاصّ به ، بل مع الالتزام بلغويّة ذلك الخطاب على تقدير إمكانه وعدم استحالته.
توضيحه : أنّه لو فرض ثبوت الفرق بين العالم والعامد وبين غيرها في الواقع ونفس الأمر ، بحيث كان المأمور به في حقّ العامد هو المركّب التامّ المشتمل على السورة ، وفي حقّ الساهي هو المركّب الناقص الغير المشتمل عليها ، بحيث كانت السورة غير مقتضية للجزئيّة مطلقا ، بل اقتضاءها لها إنّما هو في خصوص صورة العمد فقط.
فنقول : بأنّه يمكن للمولى أن يتوصّل إلى مطلوبه بتوجيه الأمر بطبيعة الصلاة إلى جميع المكلّفين بقوله ـ مثلا ـ : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(٢) ، غاية الأمر أنّ هذا الأمر إنّما يحرّك العامد نحو الصلاة المشتملة على السورة ؛ لالتفاته إلى كونها جزء لها ، ولا ينبعث منه الساهي إلّا بمقدار التفاته ، وهو ما عدا الجزء المنسي ، فمع فرض انحصار الملاك في المركّب التامّ إلى
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٤٨٣.
(٢) الأسراء : ٧٨.