بما له من الآثار المترتّبة عليه ، فقد وقع في ذلك ادّعاءان :
أحدهما : أنّ المنسي هو ما تعلّق به النسيان ـ أي الجزء كالسورة ـ كما أنّ معنى الخطأ هو ما أخطئوا ، وهكذا.
وفيه : ـ مضافا إلى عدم ذكر كلمة «ما» في هذه الفقرة مع ذكرها في كثير من الفقرات ـ أنّه إذا تحقّق مانع نسيانا ـ والمفروض أنّ وجود المانع أمر اختياري ناش عن الالتفات والتوجّه ، ولا يعقل صدوره عن الغفلة ـ ، فلا محالة يكون متعلّق النسيان هو كونه مشتغلا بالعبادة وأنّه في حال الصلاة ، فالمرفوع هو اشتغاله بالصلاة ، ومعناه بطلان الصلاة ، مع أنّ حديث الرفع في مقام الامتنان والتسهيل على العباد ، لا في مقام التضييق وبيان المبطلات ، فهذا الاحتمال يكون قابلا للانطباق في باب الأجزاء والشرائط بخلاف باب الموانع.
ثانيهما : أن يكون المقصود منه ما صار النسيان سببا ومنشأ له ، وهو قد يكون ترك الجزء أو الشرط ، وقد يكون وجود المانع ، ومعنى رفعه أنّه لم يتحقّق ولم يوجد في عالم التشريع ، وهذا المعنى موافق للتحقيق وقابل للالتزام.
الرابع : أنّ النسيان المتعلّق بشيء الموجب لعدم تحقّقه في الخارج ، هل هو متعلّق بنفس طبيعة ذلك الشيء من غير مدخليّة الوجود أو العدم ، أو يتعلّق بوجود تلك الطبيعة أو يتعلّق بعدمها؟ وجوه ، والظاهر هو الأوّل ، فإنّ الموجب لعدم تحقّق الطبيعة في الخارج هو الغفلة والذهول عن نفس الطبيعة ، لا الغفلة عن وجودها ، كيف والمفروض أنّه لم يوجد حتّى يتعلّق بوجوده النسيان؟ ولا الغفلة عن عدمها ، كيف ولا يعقل أن تصير الغفلة عن العدم موجبا له؟
إذا تمهّدت لك هذه الامور تعرف أنّ مقايسة حديث الرفع المشتمل على رفع النسيان مع الأدلّة الأوّليّة المطلقة الدالّة على جزئيّة الجزء المنسي مطلقا