والقبلة ، والركوع ، والسجود ـ واعتبارهما لغوا خاليا عن الفائدة ؛ لإمكان أن تكون الصلاة المشتملة على تلك الخمسة سببا لحصول مرتبة من المصلحة ناقصة ، بحيث لا يبقى معه مجال لاستيفائها بالمرتبة التامّة ثانيا.
فالمصلّي إذا ترك بعض الأجزاء الغير الركنيّة عمدا يكون الإتيان بمثل هذه الصلاة موجبا لاستيفاء مرتبة ناقصة من المصلحة ، ولا يتمكّن من إعادة الصلاة المشتملة على تلك الأجزاء لاستيفاء جميع مراتب المصلحة ، ومع ذلك يعاقب على عدم استيفاء المصلحة بمرتبتها الكاملة ؛ لأنّ المفروض أنّ فوات تلك المرتبة كان بسوء اختياره.
وهذا ـ أي عدم استيفاء المرتبة العليا من المصلحة وجواز عقوبته على ذلك ـ هو نتيجة اعتبار تلك الأجزاء الغير الركنيّة في الصلاة ، فلم يكن شمول الحديث لصورة العمد منافيا لاعتبار الأجزاء الغير الركنيّة ، إلّا أنّ الإنصاف انصراف الحديث عن هذه الصورة واختصاصه بغيرها ، فإنّ مورد استعمال كلمة الإعادة وعدم الإعادة عبارة عمّن كان قاصدا لإتيان الصلاة الصحيحة وتحقّق المأمور به في الخارج وامتثال الأمر الواقعي ، ولكنّ عروض بعض الحالات ـ كالسهو والنسيان ونحو ذلك ـ كان مانعا عن إيصاله إلى مراده ، وهذا المعنى يتحقّق في الجاهل المقصّر أيضا كما سيأتي ، بخلاف من لم يكن قاصدا لإتيان المأمور به صحيحا من الابتداء مع الالتفات والتوجّه ، كما لا يخفى.
الثانية : في شموله للجهل أو النسيان مطلقا في الحكم أو الموضوع
اعلم أنّ المحقّق المتقدّم نفى البعد في كتاب صلاته عن دعوى انصراف الحديث إلى الفعل الحاصل بالسهو والنسيان في الموضوع ، وقال في بيانه