الثالث : أن يكون المحمول بالنسبة إليه متساوي الطرفين كالوجود بالقياس إلى ماهيّة الإنسان.
ومن الواضح أنّ التعليل في الأوّل يخالف كون المحمول ضروريّ الثبوت لموضوعه ، كما أنّ التعليل في الثاني ينافي كونه ضروري العدم للموضوع ، وأمّا إذا كانت النسبة متساوية الطرفين فلا بدّ من العلّة في اتّصاف الموضوع بالمحمول ؛ لأنّ ما يمكن أن يتّصف بشيء وأن لا يتّصف به لا يمكن أن يتّصف به بلا علّة ، ولذا يصحّ السؤال عن علّة اتّصاف الإنسان بالوجود واتّصاف زيد بالقيام ، ولا يصحّ السؤال عن علّة ناطقيّة الإنسان وإنسانيّته ، وعن موجوديّة واجب الوجود ، وامتناعيّة شريك الباري ، وعن عدم ناهقيّة الإنسان ؛ إذ الذاتي لا يعلّل.
المسألة الثالثة : أنّ صاحب الكفاية قدسسره صرّح بأنّ السؤال عن شقاوة الإنسان وسعادته يكون بمنزلة السؤال عن ناطقيّة الإنسان وناهقيّة الحمار ؛ لكونهما ذاتيّين له ، والذاتي لا يعلّل ، ولا بدّ لنا من ملاحظة السعادة والشقاوة من حيث المفهوم ، وأنّ الإنسان في أيّ مرحلة يتّصف بهما.
ولا يخفى أنّه لا فرق بين العرف والشرع في مفهوم السعادة والشقاوة ، والسعيد يقال لمن كان واصلا بآماله النفسانيّة وأغراضه الدنيويّة ، والشقيّ في مقابله ، إلّا أنّ الآمال والأهداف تتفاوت بحسب الأشخاص والأفراد ، وبنظر الشرع والعقلاء ؛ إذ الشارع يلاحظ الدنيا بعنوان المزرعة والمعبر للآخرة والجنّة ولذا يعبّر في القرآن : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ* وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي