الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ...)(١).
وأمّا العقلاء الغير المتديّنين فيعتقدون بأنّ السعادة عبارة عن الإيصال إلى الأهداف والآمال الدنيويّة من مقام الرئاسة ... بحسب اختلاف أنظارهم ، والبحث هنا حول السعادة والشقاوة بنظر الشرع ، وقد عرفت في الآية السابقة أنّ السعادة طريق ينتهي إلى الجنّة ، والشقاوة طريق ينتهي إلى النار.
وآية اخرى تكون بمنزلة التفسير لها ، وهي قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ طَغى * وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا* فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى * وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى)(٢) ، والظاهر أنّ السعادة عبارة عن الخوف من مقام الربّ ، ونهي النفس الأمّارة بالسوء عن الهوى بالاختيار والإرادة ، وهذا يوجب الإيصال إلى الجنّة ، والشقاوة عبارة عن الطغيان واختيار الحياة الدنيويّة ، وهذا ينتهي إلى النار ، ويستفاد من إسناد الفعل إلى الإنسان أنّهما أمران اختياريّان.
إذا عرفت هذا فنقول : إنّه لا ترتبط السعادة والشقاوة بقاعدة «الذاتي لا يعلّل» ، فإنّهما ليستا من مقولة الجنس ولا الفصل ، ولا النوع بالنسبة إلى الإنسان ، كما هو واضح.
وهكذا لا يكونا من لوازم ماهية الإنسان ؛ إذ تتحقّق في لازم الماهيّة خصوصيّتان :
الاولى : أنّ تصوّر الماهيّة يوجب الانتقال إلى اللازم.
الثاني : أنّه لا مدخليّة للوجود الذهني والخارجي في لازم الماهيّة ؛ لكون
__________________
(١) هود : ١٠٦ ـ ١٠٨.
(٢) النازعات : ٣٧ ـ ٤١.