الملزوم نفس الماهيّة ، مثل : ملزوميّة الأربعة للزوجيّة. وكلتاهما مفقودتان هاهنا ؛ إذ لا يوجب إطلاق كلمة الإنسان الانتقال إلى السعادة والشقاوة وجدانا ، مع أنّ اتّصاف الإنسان بالسعادة أو الشقاوة متوقّف على وجوده الخارجي وكونه عاقلا وبالغا وداخلا في دائرة التكليف ، ثمّ موافقة التكاليف أو مخالفتها ، فكيف يمكن كونهما من لوازم ماهيّة الإنسان؟!
والحاصل : أنّ ما يترتّب على الوجود ويكون من توابع الوجود يصحّ السؤال عن علّته كصحّة السؤال عن علّة الوجود ، فلا تكون السعادة والشقاوة من مصاديق قاعدة «الذاتي لا يعلّل».
ومن الممكن أن يكون منشأ ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره الرواية النبويّة المعروفة ، أنّه قال صلىاللهعليهوآله : «الشقيّ شقيّ في بطن أمّه ، والسعيد سعيد في بطن أمّه». (١)
واستفاد منها أنّ السعيد في عالم الرحم ينطبق عليه عنوان السعيد ، والشقيّ أيضا فيه ينطبق عليه عنوان الشقيّ ، ولذا تكون السعادة والشقاوة داخلتين في ذات الإنسان.
وفيه : أوّلا : أنّ هذه الرواية دليل على خلافه ، فإنّ ما يكون ذاتيّا للإنسان يتحقّق معه في مرحلة الماهيّة ، مثل ذاتيّة الناطقيّة له ، ولا يختصّ بمرحلة من مراحل الوجود فقط ، فنفس تحديد السعادة والشقاوة بالمرحلة الاولى من مراحل الوجود الخارجي ، وهي بطن الامّ ينافي ذاتيّتهما للإنسان.
وثانيا : أنّ للرواية معنى عقلائيّا ، وهو : أنّه معلوم عدم صحّة القضاوة بملاحظة ظواهر الناس ؛ إذ لا علم لنا بعاقبتهم ، ولكن إذا أخبر مخبر صادق بأنّ عاقبة الشخص الفلاني تنتهي إلى السعادة ننظر إليه من حين الإخبار
__________________
(١) التوحيد للصدوق : ٣٥٦ ، الحديث ٣.