بنظرة السعيد ، مع أنّه لم يعمل بالفعل عمل الخير وما يوجب سعادته ، وهكذا إذا اخبر بأنّ عاقبة فلان تنتهي إلى الشقاوة ، فننظر إليه من حين الإخبار بنظرة الشقيّ مع أنّه لم يعمل بعد ما يوجب الشقاوة.
ويؤيّده ما نقله المفيد قدسسره عن سالم بن أبي حفصة أنّه قال : قال عمر بن سعد للحسين عليهالسلام : يا أبا عبد الله إنّ قبلنا ناسا سفهاء يزعمون أنّي أقتلك؟ فقال له الحسين عليهالسلام : «إنّهم ليسوا بسفهاء ولكنّهم حلماء ، أما إنّه تقرّ عيني أن لا تأكل برّ العراق بعدي إلّا قليلا». (١)
والمستفاد من ذلك أنّ أهل العراق نظروا إلى عمرو بن سعد بنظرة الشقاوة ؛ لعلمهم بكونه قاتلا للحسين عليهالسلام بإخبار أمير المؤمنين عليهالسلام بذلك ، فمعنى الرواية أنّه يصحّ أن يقال في حقّ السعيد : إنّه سعيد وإن كان في بطن أمّه ، وفي حقّ الشقيّ : إنّه شقيّ وإن كان في بطن أمّه ، لا أنّ السعادة والشقاوة ذاتيّتان للإنسان.
ونضيف إليه ما ورد بعنوان التفسير للرواية النبويّة عن موسى بن جعفر عليهماالسلام وهو ما ذكره ابن أبي عمير أنّه : سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام عن معنى قول رسول اللهصلىاللهعليهوآله : «الشقيّ من شقي في بطن أمّه ، والسعيد من سعد في بطن أمّه» ، فقال : «الشقيّ من علم الله وهو في بطن أمّه أنّه سيعمل أعمال الأشقياء ، والسعيد من علم الله وهو في بطن أمّه أنّه سيعمل أعمال السعداء» (٢).
وهذا هو معنى الرواية ولا ترتبط السعادة والشقاوة بالماهيّة وأجزاء الماهيّة ، فلا يصحّ تشبيه الإيمان والكفر بالماهيّة وأجزائها.
__________________
(١) الإرشاد : ٤٨٩.
(٢) البحار ٥ : ١٥٧ ، الحديث ١٠.