وإنّما الإشكال في قيام الأمارات والاصول الشرعيّة مقام القطع المأخوذ في الموضوع بنحو الطريقيّة ، والمستفاد من كلام الشيخ الأعظم الأنصاري قدسسره (١) أنّ أدلّة حجّيتها كما تدلّ على قيامها مقام القطع الطريقي كذلك تدلّ على قيامها مقام القطع المأخوذ في الموضوع بنحو الطريقيّة.
وحاصل كلامه قدسسره : أنّ معنى أدلّة حجّية الأمارات أنّها وإن لم تفد العلم ويتحقّق احتمال خلافها ، ولكنّ الشارع جعلها بمنزلة القطع تعبّدا ، وكأنّه قال : افرض احتمال الخلاف كالعدم ، فيترتّب عليها جميع آثار القطع ، فكما أنّها تقوم مقام القطع الطريقي ، كذلك تقوم مقام القطع الموضوعي المأخوذ على نحو الطريقيّة ، فالأمارات بنفس دليل اعتبارها تقوم مقامه.
والمستفاد من كلام صاحب الكفاية قدسسره (٢) استحالته لاستلزامه اجتماع الضدّين.
توضيح ذلك : أنّه لا بدّ في كلّ تنزيل من لحاظ المنزل والمنزل عليه معا ، والمنزل في المقام هو الأمارة والمنزل عليه هو القطع ، وحينئذ فتنزيل الأمارة منزلة القطع الموضوعي موقوف على لحاظ القطع استقلالا ؛ لأنّه مقتضى موضوعيّته ، وتنزيلها منزلة القطع الطريقي موقوف على لحاظه آلة للغير ـ أي الواقع ـ ومعلوم أنّ هذين اللحاظين متضادّان ، فيمتنع اجتماعهما في إنشاء واحد ، فلا يكون الدليل الدالّ على إلغاء احتمال الخلاف كافيا لبيان كلا التنزيلين كما هو واضح ، وإلّا يستلزم اجتماع اللحاظين المتنافيين على ملحوظ واحد.
__________________
(١) الرسائل : ٣.
(٢) كفاية الاصول ٢ : ٢١.