وجوابه : أوّلا : بالنقض ، وهو أنّ الظاهر من كلامه قدسسره إمكان جميع الأقسام الستّة المذكورة للقطع الموضوعي ، ومنها أخذ القطع في الموضوع على نحو الطريقيّة ، وكيف لا يستلزم الجمع بين اللحاظين المتنافيين هناك ، مع جريان هذا الدليل بعينه هناك أيضا كما عرفته من كلام المحقّق النائيني قدسسره (١)؟!
وثانيا : بالحلّ ، وهو أنّ المستفاد من دليل الحجّية موضوعيّة الأمارة للحكم المترتّب عليها من الشارع ، ولكنّها لا تكون إلّا طريقا إلى الواقع لمن تقوم عنده الأمارة ، ويكون حلّ الإشكال بتعدّد النسبة والإضافة.
وهذا نظير حكم العقل بحجّية القطع في قضيّة «القطع حجّة» ، فإنّ تمام الموضوع للحجّية عند العقل هو القطع ، فلا بدّ من كونه ملحوظا بالاستقلال ، كاستقلاليّة لحاظ المحمول ، ومعلوم أنّ القطع الذي يكون تمام الموضوع للحجّية هو القطع الطريقي المحض الحاصل للقاطع ، فالحاكم ـ أي العقل ـ يلاحظ استقلالا ما هو آليّ عند القاطع عند حكمه بالحجّية ، ولا يحتاج العقل إلى لحاظ عنوان آليّته ؛ كأنّه يقول : القطع الطريقي الحاصل للمكلّف ويكون الكاشف عنده : «جعلته موضوعا للحجّية» ، فترتبط موضوعيّته بالعقل وكاشفيّته بالقاطع ، وهكذا في مثل : البيّنة حجّة كما عرفت. ولكنّك عرفت أنّ هذا لا يكون جوابا عن الإشكال.
وأجاب عن الاستحالة المحقّق النائيني قدسسره (٢) بعد ما كان البحث في صورة قيام الأمارة مقام القطع الذي اخذ بعنوان جزء الموضوع على نحو الطريقيّة ، لا بعنوان تمام الموضوع ؛ لاستحالته في نفسه عنده كما عرفت.
__________________
(١) فوائد الاصول ٣ : ٢١.
(٢) المصدر السابق.