وكان عموم احد الدليلين بالوضع والآخر بمقدمات الحكمة يمكن أن يقال : انه لا تعارض بل يجمع بين الطرفين بتقديم العموم الوضعي على الاطلاقي فان ما بالوضع قابل لان يكون قرينة على الآخر.
مثلا قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(١) يدل باطلاقه على صحة بيع الغرر فلو ورد في حديث انه نهى النبي صلىاللهعليهوآله عن كل عقد غرري يمكن القول بتقديم الحديث على الكتاب ويلتزم ببطلان بيع الغرر لما ذكرنا وهكذا الامر في كل دليلين يكون العموم في احدهما بالوضع وفي الآخر بالاطلاق.
وأما القسم الثاني وهو ما لو وقع التعارض بين الحديثين بالتباين الكلي أو الجزئي ولا يكون احدهما قابلا لرفع اليد به عن الآخر فمقتضى القاعدة الاولية التساقط اذ المفروض عدم امكان الجمع بينهما وعدم جواز ترجيح أحدهما على الآخر بلا مرجح فالقاعدة تقتضي تساقطهما فهل يكون مقتضى الدليل الثانوي التوقف أو التخيير أو الترجيح بالمرجح الموجود في احد الطرفين أو الاحتياط أو غير ذلك؟
والروايات الواردة في هذا المقام مختلفة. الطائفة الاولى : ما يدل على وجوب التوقف.
منها ما رواه عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما ـ الى أن قال : فان كان كل واحد اختار رجلا من اصحابنا فرضيا أن أن يكونا الناظرين في حقهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم (حديثنا خ) فقال : الحكم ما حكم به اعدلهما وافقههما
__________________
(١) ـ البقرة / ١٧٥.