وهذه شذرات معطّرة بهدي الإمام عليهالسلام من تواضعه :
١ ـ وفد عليه رجل مع ابنه فرحّب بهما وأجلسهما في صدر المجلس ، ثمّ أمر لهما بطعام ، وبعد الفراغ منه بادر الإمام فأخذ الإبريق ليغسل يد الأب ففزع الرجل ، وقال :
كيف يراني الله وأنت تصبّ الماء على يدي؟
فأجابه الإمام عليهالسلام برفق ولطف :
« إنّ الله يراني أخاك الّذي لا يتميّز منك ، ولا يتفضّل عنك ، ويزيدني بذلك منزلة في الجنّة ».
أيّ روح ملائكية هذه الروح؟ وأيّ سموّ في الذات هذا السموّ؟
وانصاع الرجل إلى كلام الإمام عليهالسلام ، فصبّ الماء على يده ، ولمّا فرغ ناول الإبريق إلى ولده محمّد بن الحنفية ، وقال له :
« يا بنيّ ، لو كان هذا الابن حضرني دون أبيه لصببت الماء على يده ، ولكنّ الله يأبى أن يسوّي بين الابن وأبيه ».
وقام محمّد فغسل يد الولد (١) ، وهذه الأخلاق العلوية مقتبسة من أخلاق الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم الذي امتاز على سائر النبيّين بمكارم أخلاقه.
٢ ـ اجتاز الإمام في رجوعه من صفّين على دهّاقين الأنبار فقابلوه بمزيد من التعظيم والتكريم ، وصنعوا له كما يصنعون للملوك والامراء ، فأنكر الإمام عليهم
__________________
(١) المناقب ١ : ٣٧٣.