الفضول فاستجاب له عيون القرشيّين ، فخاف الوليد وردّ على الإمام ظلامته (١).
وعلى أي حال فإنّ حلف الفضول من أروع الحركات الإصلاحية التي ساهم الهاشميّون في دعمها وتأسيسها.
من المآثر الكريمة التي نسبت للهاشميّين ، والتي هي من مواضع الاعتزاز والفخر ، إخراج عين ماء زمزم التي خفيت حقبة من الزمن على القرشيّين ولم يهتدوا لموضعها ، وقد أنفقوا على ذلك جهدا شاقّا وعسيرا فلم يظفروا بها.
وانبرى زعيم الهاشميّين عبد المطّلب للبحث عنها فأصاب موضعها ، وفي أثناء حفره عنها أصاب كنزا فيه غزالان من ذهب وسيوف ودروع ، فرفع صوته بالتكبير ، فأسرع القرشيّون إليه وبهروا بما رأوه من الكنز ، وتنازعوا فيه ، فقال هشام ابن المغيرة : إنّه لقريش لأنّه وجد في البيت الحرام ، وكلّ ما وجد فيه فهو لعامّة قريش ، وأنكر عليه حرب بن اميّة ، فردّ عليه بعنف قائلا : إنّما هو لعبد مناف خاصّة فهم الذين حفروا البئر وظفروا به ، وما ينبغي لقريش أن تشاركهم فيه ، واشتدّ النزاع بين القوم ، وكان عبد المطّلب ساكتا يسمع مقالة قريش ، فانبرى إليه حرب فقال له : ما لك لا تتكلّم وأنت الذي عثرت عليه؟ فقال عبد المطّلب بأناة غير حافل بصيرورة الكنز إليه : « ما ينبغي أن يكون الكنز لأحد منّا حتى نضرب بالقداح فنجعل للكعبة قد حين ولي قد حين ولكم قد حين » ، فاستجابوا له ، فضرب بين قريش والكعبة فخرج للكعبة ثلاثة أقداح ، فصاح بهم عبد المطّلب قائلا : « تفرّقوا يا معشر قريش ، ويا بني عبد مناف ليس لأحد منكم في هذا الكنز نصيب ... أمّا هذا الذهب فسيصاغ
__________________
(١) السيرة النبوية ١ : ١٢٧.