فعرضوا عليه أن يعبد أصنامهم سنة ، ويعبدون الله تعالى معه سنة اخرى ، فنزلت على الرسول سورة : ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ. لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ. وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ ... ) (١).
لقد فزعت قريش وضاقت بها الأرض حينما أعلن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم دعوته لسحق الأصنام وتدميرها وتطهير البيت الحرام منها ، واعتبروا ذلك تحطيما لكيانهم العقائدي فهبّوا جميعا لمناجزة الرسول ومقاومته ، وحاربوه بجميع طاقاتهم ، وما يملكونه من وسائل القوّة.
أمّا العبيد في العصر الجاهلي فهم المعذّبون في الأرض ، قد نبذهم المجتمع واحتقرهم ، ولم ير لهم أي كيان ، وقد ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ممّا عانوه من صنوف الذلّ والعبودية ، وتبنّى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قضاياهم ، ودعى إلى تحريرهم ومساواتهم لبقيّة أبناء المجتمع ، وقد بشّرهم بأنّهم سيكونون مع المستضعفين أسياد المجتمع ، وكان من بينهم بلال الحبشي ، وعمّار بن ياسر وأبوه ياسر ، وامّه سميّة ، وعبد الله بن مسعود ، وغيرهم من المؤمنين الذين ألهبت أجسامهم سياط القرشيّين.
لقد دوى صوت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في آفاق مكّة إنه « لا فضل لأبيض على أسود إلاّ بالتّقوى ».
وقد ورمت آناف سادات العبيد من القرشيّين وانتفخ سحرهم من دعوة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّ عبيدهم سينعمون بالحرية الكاملة ، وأنّهم سيكونون سادة لهم فهبّوا متضامنين أجمعين اكتعين لمناجزته ، والاجهاز على دعوته.
__________________
(١) الكافرون : ١ ـ ٣.