علما لامّته ورائدا لتبليغ رسالته.
لقد حفلت تربية النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بجميع مقوّمات الارتقاء وسموّ الذات ، وكان من برامجها هذه الصور الرائعة.
ربّى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخاه على الواقعية ونبذ الأنانية ونكران الذات ، وكان من بين ذلك أنّ الإمام عليهالسلام طرق باب النبيّ ، فقال الرسول :
« من هذا؟ ».
« أنا يا رسول الله ».
وكره النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كلمة « أنا » من الإمام والتي تخلو من التعظيم لقائلها ، فجعل يقول له : « أنا ، أنا » وفهم الإمام كراهة النبيّ لهذه الكلمة ، فلم يفه بها بعد ذلك (١).
وتكشف هذه البادرة عن سموّ التربية الإسلامية التي أمدّت الحياة بالاشراق والنهوض ، وظلّ الإمام متأثّرا بهذه التربية الرفيعة طيلة حياته ، ففي أيام حكومته وقيادته للامّة نبذ نبذا تامّا جميع مظاهر الحكم والسلطان التي تلازمها الابّهة والاستعلاء على الناس ، وعامل نفسه كبقيّة أفراد الشعب لا ميزة له عليهم ، وقد روى المؤرّخون أنّه اجتاز على أهل المدائن فأقاموا له مهرجانا شعبيا وذبحوا له الذبائح فنفر من ذلك وخاطبهم أنّه كأحدهم ، ومنع جيشه من أكل لحوم الذبائح حتى يعطي أهلها ثمنها (٢) ، وهكذا كان عليّ صورة لا ثاني لها في تاريخ البشرية على الإطلاق سوى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) حياة الحيوان ـ الجاحظ ١ : ٣٣٧.
(٢) بحار الانوار ٧٧ : ٤٥.