للعبادة فعبدتك » (١).
إنّ هذا هو منتهى الإيمان ، فقد كانت عبادته لله تعالى عبادة المنيبين والعارفين لا عبادة تقليدية ، وقد اثرت عنه من الخطب والكلمات القصار في توحيد الله تعالى وتعظيمه وتنزيهه عن الشريك وغيره ما لم يؤثر عن غيره من ملوك المسلمين وزهّادهم وعلمائهم ... إنّه داعية الله تعالى الأكبر بعد أخيه وابن عمّه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد وهب حياته لله تعالى ، وجاهد في سبيله كأعظم ما يكون الجهاد ، وكانت جميع أعماله خالصة لوجه الله تعالى لا يشوبها أيّة شائبة من أغراض الدنيا ومتعها التي يؤول أمرها إلى التراب ، وحدّثنا المؤرّخون عنه حينما صرع عمرو بن عبد ودّ العامري فارس العرب ، فإنّه لم يجهز عليه لأنّه قد سبّه وأغلظ في شتمه ، فغضب من ذلك ، ولمّا سكن غضبه أجهز عليه ، وقد سئل عن السبب في تأخيره لقتله ، فأجاب :
« إنّي ما أحببت قتله انتقاما لسبّه لي فيفوت منّي الأجر والثّواب ، فلمّا سكن غضبي أجهزت عليه في سبيل الله تعالى ». وهكذا كانت جميع أعماله وصنوف جهاده خالصة لوجه الله تعالى ، لم يبتغ فيها إلاّ رضا الله تعالى ، وقد ولج في أعنف الحروب وأشدّها محنة وأقساها بلاء دفاعا عن دين الله ونصرة لنبيّ الله.
كان الإمام عليهالسلام من أعظم المنيبين لله تعالى ، ومن أكثرهم خوفا منه ، وقد حدّث أبو الدرداء عن شدّة إنابته لله تعالى قال :
شهدت عليّ بن أبي طالب بشويحطات النجّار وقد اعتزل عن مواليه واختفى ممّن يليه واستتر بمغيلات النخل ، فافتقدته ، وبعد عليّ مكانه ، فقلت : لحق
__________________
(١) بحار الأنوار ٤١ : ١٤.