يا عبّاس ، أمر عظيم!! وطفق العباس قائلا :
نعم ، أمر عظيم!! أتدري من هذا الشاب؟
لا.
هذا محمّد بن عبد الله ابن أخي ، أتدري من هذا الغلام؟ هذا عليّ ابن أخي ، أتدري من هذه المرأة؟ هذه خديجة بنت خويلد زوجته. إنّ ابن أخي هذا ـ وأشار إلى محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أخبرني أنّ ربّه ربّ السماء والأرض أمره بهذا الدين الذي هو عليه ، لا والله ما على الأرض كلّها أحد على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة (١).
روى عبد الله بن مسعود قال : إنّ أوّل شيء علمته من أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قدمت مكّة مع عمومة لي فأرشدونا إلى العبّاس بن عبد المطّلب ، فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم ، فجلسنا إليه ، فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة ، له وفرة جعدة إلى أنصاف اذنيه ، أقنى الأنف ، برّاق الثنايا ، أدعج العينين ، كثّ اللحية ، دقيق المسربة ، شثن الكفّين والقدمين ، عليه ثوبان أبيضان ، كأنّه القمر ليلة البدر ، يمشي عن يمينه غلام أمرد حسن الوجه ، مراهق أو محتلم ، تقفوه امرأة قد سترت محاسنها ، حتى قصد نحو الحجر فاستلمه ، ثمّ استلمه الغلام ، ثمّ استلمته المرأة ، ثمّ طاف بالبيت سبعا ، والغلام والمرأة يطوفان معه.
قلنا : يا أبا الفضل ، إنّ هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم ، أو شيء حدث؟
__________________
(١) خصائص النسائي : ٣. مسند أحمد ١ : ٣٠٩. طبقات ابن سعد ٨ : ١٠.