أمّا المرأة في العصر الجاهلي فقد عانت من القسوة والظلم ما لا يوصف لمرارته وشدّته ، فقد استهان بها العرب ، وحمّلوها من أمرها رهقا ، وكان من مظاهر ظلمها ما يلي :
وكان من الظلم الفاحش للمرأة في العصر الجاهلي أنّه إذا ولد لشخص بنت ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم ، كما حكى القرآن ذلك بقوله : ( وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ) (١) ، والأدهى من ذلك وأشدّ بلاء أنّ بعضهم كان يسارع إلى وأد ابنته وهي حيّة ، وقد نعى القرآن عليهم ذلك بقوله تعالى : ( وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) (٢) ، وكانت هذه البادرة القاسية شائعة عند بعض القبائل كربيعة وكندة وتميم وغيرهم ، ومن الأمثال الشائعة : دفن البنات من المكرمات.
أمّا المرأة في العصر الجاهلي فلا ترث زوجها وأباها وسائر أقربائها ، ولا حظّ لها من الميراث مطلقا .. وقد انتصر لها الإسلام ، وفتح لها آفاقا كريمة من الحياة الرفيعة ، وشرّع لها من الحقوق بما لم يقنّنه أي نظام قديما ولا حديثا ، فقد ساوى بينها وبين الرجل مساواة كاملة في جميع الحقوق والواجبات ، وجعلها مسئولة عن حماية الجيل ، وصيانته من التلوّث بالجرائم والموبقات ، وأوجب على الزوج القيام بالإنفاق عليها ، وجعلها ترث وتورّث ، وفرض عليها التفقّه في الدين ،
__________________
(١) النحل : ٥٨.
(٢) التكوير : ٨ ـ ٩.