يبصر في وجهه ، وقال : « ما تريدون من عليّ؟ إنّ عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن من بعدي » (١).
والمتأمّل في هذه الأحاديث يتجلّى له الأمر بوضوح أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أقام الإمام من بعده خليفة ووليّا على امّته ، فإنّ معنى الوليّ هو : مالك الأمر والمتصرّف في شئون من يتولّى عليه.
من الألقاب الشائعة للإمام عليهالسلام ( أمير المؤمنين ) حتّى أنّه إذا اطلق فلا ينصرف إلى سوى الإمام ، يقول الدكتور زكي مبارك :
« أمير المؤمنين هو اللقب الاصطلاحي لعليّ بن أبي طالب ، فإن رأى القارئ في كتاب قديم من غير نصّ على اسم فليعرف أنّ المراد هو عليّ بن أبي طالب » (٢) ، وقد أفضى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا اللقب عليه.
روى أبو نعيم بسنده عن أنس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا أنس ، اسكب لي وضوءا » ، ثمّ قام فصلّى ركعتين ، ثمّ قال : « يا أنس ، أوّل من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، وخاتم الوصيّين » ، قال أنس : قلت : اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار وكتمته ، إذ جاء عليّ عليهالسلام ، فقال : « من هذا يا أنس؟ » فقلت : عليّ ، فقام مستبشرا فاعتنقه ثمّ جعل عرق وجهه بوجهه ويمسح عرق عليّ بوجهه ، قال علي : « يا رسول الله ، لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل » ، قال : « وما يمنعني وأنت تؤدّي عنّي؟ وتسمعهم
__________________
(١) خصائص النسائي : ١٩. الرياض النضرة ٢ : ١٧١. كنز العمّال ٦ : ١٩٤. معرفة الصحابة ١ : ٢٩٦.
(٢) عبقرية الشريف الرضي ٢ : ٢٢٨.