قبلة للمؤمنين ، وسبحان من يضع الأشياء في موضعها وهو أحكم الحاكمين » (١).
وصف الرواة كيفيّة ولادة إمام المتّقين فقالوا : إنّ والدته السيّدة الزكية فاطمة لمّا أحسّت بالطلق نهضت وهي مبهورة الأنفاس ، فاتّجهت صوب الكعبة المقدّسة ، وهي على يقين لا يخامره شكّ أن لحملها شأنا كبيرا عند الله تعالى ، ولمّا مثلت أمام الكعبة اتّجهت بعواطفها نحو الله تعالى ، وأخذت تناجيه وتدعوه أن ييسّر لها ولادتها ، وتعلّقت بأستار الكعبة قائلة :
« ربّ إنّي مؤمنة بك وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل ... وانّه بنى البيت العتيق ، فبحقّ الذي بنى هذا البيت وبحقّ المولود الذي في بطني لمّا يسّرت عليّ ولادتي ... » (٢).
وحكت هذه الكلمات إيمانها العميق بالله تعالى وبرسله وكتبه وبما جاء من عنده ، وأنّها لم تؤمن بالأوثان والأصنام التي لوّثت جدران الكعبة التي أقامها القرشيّون يعبدونها من دون الله تعالى ، وقد اتّجهت بعواطفها نحو الله تعالى ليسهّل لها ولادة مولودها العظيم.
وما انتهت السيّدة فاطمة من دعائها حتى انشقّ لها جدار البيت المعظّم فدخلت فيه وقلبها مطمئن بذكر الله تعالى وبعظمة وليدها الذي ستضيء الدنيا به.
ولم تمكث السيّدة فاطمة في حرم البيت المعظّم إلاّ زمنا قليلا حتى وضعت
__________________
(١) شرح الخريدة الغيبية في شرح القصيدة العينية : ١٥.
(٢) بحار الأنوار ٣٥ : ٨.