وفي الحديث : « كانت ضرباته وترا » (١). ولمّا دعا معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما ، قال له عمرو : لقد أنصفك ، فقال معاوية : ما غششتني منذ صحبتني إلاّ اليوم ، أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنّه الشجاع المطرق ، أراك طمعت في امارة الشام بعدي .. وكانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته ، فأمّا قتلاه فافتخار رهطهم بأنّه عليهالسلام قتلهم أظهر وأكثر.
قالت اخت عمرو بن عبد ودّ ترثيه :
لو كان قاتل
عمرو غير قاتله |
|
بكيته ما أقام
الرّوح في جسدي |
لكنّ قاتله من
لا نظير له |
|
وكان يدعى أبوه
بيضة البلد (٢) |
وجملة الأمر أنّه احتلّ الصدارة في شجعان العالم ، وأنّ شجاعته النادرة كانت في نصرة الإسلام ، ونصرة المظلومين ، والمعذّبين في الأرض.
ومن مظاهر شجاعته أنّه كان يخرج في أيام صفّين وحده بغير حماية فقيل له : تقتل أهل الشام بالغداة وتظهر بالعشي في إزار ورداء؟ فقال عليهالسلام : « بالموت تخوّفوني؟ فو الله ما ابالي سقطت على الموت أم سقط عليّ! » (٣) إنّه كان على بيّنة من دينه ، فقد سخر من الموت وهزأ بالحياة ؛ لأنّه عاش مجاهدا طيلة حياته.
وهب الله تعالى للإمام عليهالسلام قوّة هائلة ، وقوّة نفسية مذهلة ، استطاع بهما أن
__________________
(١) وفي المثل المعروف أنّ ضربة عليّ تفرد المثنى وتثنّى المفرد ، قال الشعبي : عليّ أشجع الناس تقرّ له بذلك العرب ، جاء ذلك في نور القبس المختصر من المقتبس للميرزباني : ٢٤٥.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ٢٠.
(٣) العقد الفريد ١ : ١٠٢.