جميع لغات الأرض ، وصارت مضرب الأمثال وانشودة الأبطال في كلّ زمان ومكان ، فهو بطل الإسلام دون منازع ، لا يعرف المسلمون سيفا كسيف عليّ في إطاحته لرؤوس المشركين وأعلام الملحدين ، وهو الذي أذلّ طغاة القرشيّين ، وسحق كبرياءهم ، ودمّر غلواءهم ، ومواقفه المشرّفة في واقعة بدر واحد والأحزاب وغيرها تدلّل ـ بوضوح ـ على أنّ الإسلام قام بجهوده وجهاده ، ولو لا مواقفه الحاسمة لما أبقت القوى القرشية الضالّة أثرا للإسلام.
وعلى أي حال لقد كان الإمام حتف المشركين ، وعدوّهم الألدّ بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولو لا جهاده وقوّة بأسه وصلابة موقفه لما قام الإسلام على سوقه عبل الذراع ، ولقضت عليه قريش في أوّل بزوغ نوره ، وقد شاعت في جميع الأوساط شجاعته ، وراح الناس يتحدّثون عنها بإعجاب ، وقد قيل للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ أفرس الناس عمرو بن معدي كرب ، فردّ عليهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّ أفرس النّاس عليّ بن أبي طالب » (١).
وقد شبّه السيّد الحميري بطولة الإمام وشجاعته بالريح العاتية التي أخذت قوم عاد بقوله :
إذا أتى معشرا
يوما أنامهم |
|
إنامة الرّيح في
تدميرها عادا (٢) |
يقول ابن أبي الحديد : وأمّا الشجاعة فإنّه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله ، ومحا اسم من يأتي بعده ، ومقاماته في الحرب مشهورة تضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة. وهو الشجاع الذي ما فرّ قطّ ، ولا ارتاع من كتيبة ، ولا بارز أحدا إلاّ قتله ، ولا ضرب ضربة قطّ فاحتاجت الاولى إلى الثانية.
__________________
(١) رسائل الجاحظ ٢ : ٢٢٢.
(٢) أعيان الشيعة ٢ : ١٣٦.