فقال العبّاس : هذا ابن أخي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والغلام عليّ بن أبي طالب ، والمرأة خديجة ، وتابع ابن مسعود حديثه قائلا :
أما والله! ما على وجه الأرض من أحد نعلمه يعبد الله بهذا الدين إلاّ هؤلاء الثلاثة (١).
وهذه الفضيلة للإمام عليهالسلام لم يفز بها أحد غيره من الصحابة وغيرهم ، وقد اعترف بها سعد بن أبي وقّاص مع انحرافه عن الإمام ، فقد اجتاز على قوم مجتمعين على فارس وهو يسبّ الإمام فبادر إليه سعد قائلا :
يا هذا ، على ما تشتم عليّ بن أبي طالب؟ ألم يكن أوّل من أسلم؟ ألم يكن أوّل من صلّى مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ ألم يكن أزهد الناس؟ ألم يكن أعلم الناس؟ ألم يكن ختن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ابنته؟ ألم يكن صاحب راية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في غزواته؟
واستقبل سعد القبلة ، ورفع يديه بالدعاء ، وقال : اللهمّ إنّ هذا يشتم وليّا من أوليائك فلا تفرّق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك ، ولم يلبثوا يسيرا حتى نفرت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه (٢).
وواكب الإمام عليهالسلام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في بداية دعوته ، وكان في فجر الصبا وروعة الشباب ، وقد آمن بوعي وفكر برسالة الإسلام ، وانطبعت في دخائل نفسه ، وأعماق ذاته ، وحينما أمر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بتبليغ رسالة ربّه إلى عشيرته بهذه الآية : ( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (٣) دعا الإمام وأخبره بما امر به من تبليغ الدعوة
__________________
(١) مجمع الهيثمي ٩ : ٢٢٤. كنز العمّال ٧ : ٥٦.
(٢) مستدرك الحاكم ٣ : ٤٩٩.
(٣) الشعراء : ٢١٤.