المباركة إلى عشيرته الأقربين ، وأحاطه علما أنّهم لا يستجيبون له ، ولا يؤمنون برسالته ، ولكنّه مأمور بذلك لإقامة الحجّة عليهم ، فأعدّ لهم وليمة وشرابا من لبن ، وسارع الإمام إلى دعوتهم فاستجابوا له ، وكان فيهم من أعمامه مؤمن قريش أبو طالب وحمزة والعبّاس وأبو لهب ، ولمّا حضروا قدّم لهم الإمام الطعام ، فتناول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قطعة من اللحم فشقّها بأسنانه ، وألقاها في نواحي الصفحة ، وقال لهم : « خذوا بسم الله » ، فأكلوا جميعا ، والطعام باق على حاله ، وكان الرجل يأكل مقدار ما في الصفحة إلاّ أنّها ببركة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم ينقص منها شيء ، وبادر الإمام فسقاهم اللبن حتى ارتووا.
وقام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فدعاهم إلى اعتناق الإسلام ونبذ الأصنام ، فقطع الأثيم أبو لهب كلامه ، وخاطب المجتمعين قائلا :
لقد سحركم.
فتفرّقوا بين مستهزء وساخر ، ولم يحدّثهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا ، فقد قطع أبو لهب عليه كلامه ، وفي اليوم الثاني دعاهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى تناول الطعام فأكلوا وشربوا وانبرى النبيّ خطيباً فقال :
« يا بني عبد المطّلب ، إنّي والله ما أعلم شابّا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدّنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟ ».
فأحجم القوم كلّهم ولم ينبس أحد منهم ببنت شفة كأنّ على رءوسهم الطير ، ولم يجبه أحد منهم ، فانبرى إليه الإمام أمير المؤمنين فقال له بحماس :
« أنا يا نبيّ الله أكون وزيرك عليه ».
فأخذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم برقبته ، وخاطب القوم قائلا :