بمنزله ، فإذا أنا بصوت حزين ونغمة شجيّة ، وهو يقول :
« إلهي كم من موبقة حلمت عن مقابلتها بنقمتك ، وكم من جريرة تكرّمت عن كشفها بكرمك ، إلهي إن طال في عصيانك عمري ، وعظم في الصّحف ذنبي ، فما أنا بمؤمّل غير غفرانك ، ولا أنا براج غير رضوانك ... ».
وذهل أبو الدرداء ، وهام في تيارات من خشية الله ، وراح يفتّش عن صاحب هذا الصوت ، ولم يلبث حتى عرفه ، وإذا به إمام المتّقين عليّ بن أبي طالب ، فاستتر أبو الدرداء ليسمع بقيّة مناجاة الإمام ، وراح الإمام يصلّي ، فلمّا فرغ من صلاته توجّه بقلب منيب إلى الدعاء والبكاء من خشية الله تعالى ، وكان ممّا ناجى به الله تعالى قوله :
« إلهي افكّر في عفوك فتهون عليّ خطيئتي ، ثمّ أذكر العظيم من أخذك فتعظم عليّ بليّتي ... ».
ثمّ قال : « آه إن أنا قرأت في الصّحف سيّئة أنا ناسيها وأنت محصيها ، فتقول : خذوه ، فيا له من مأخوذ لا تنجيه عشيرته ، ولا تنفعه قبيلته! يرحمه الملأ إذا اذن فيه بالنّداء ... آه من نار تنضج الأكباد والكلى ، آه من نار نزّاعة للشّوى! آه من غمرة من ملهبات لظى ... ».
يقول أبو الدرداء : ثمّ انفجر الإمام عليهالسلام باكيا وخمد صوته ، فسارعت إليه فوجدته كالخشبة الملقاة فحرّكته فلم يتحرّك ، فقلت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، مات والله عليّ بن أبي طالب ، فبادرت مسرعا إلى بيته أنعاه إلى أهله ، فقالت زهراء الرسول سلام الله عليها :
« يا أبا الدّرداء ، ما كان من شأنه؟ ... ».
فأخبرتها بما رأيته ، فقالت سيّدة النساء :