[١١] (إِلاَّ مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١))
(إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) بظهور النفس قبل وقت الاستقامة واستحكام مقام البقاء ، فإنه ذنب حاله تجب عنه التوبة بالاستغفار والخوف بالابتلاء (ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً) بالخوف والتدارك بقمعها والالتجاء إلى جناب الحق من شرّها (بَعْدَ سُوءٍ) أية صفة ظهرت بها من صفاتها (فَإِنِّي غَفُورٌ) أستر بنوري ظلمتها (رَحِيمٌ) أرحم بعد الغفران بصفتي القائمة صفتها الظاهرة هي بها.
[١٢] (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آياتٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ (١٢))
(وَأَدْخِلْ يَدَكَ) العاقلة العلمية (فِي جَيْبِكَ) تحت لباس النفس متصلة بالقلب في إبطك الأيسر موضع الصدر (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) نورانية ذات قدرة (مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) أي : التلوين والظهور بصفة من صفاتها بل بالتنوّر بالنور (فِي تِسْعِ آياتٍ) أي : اذهب بهاتين الآيتين بين النفس القدسية والعاقلة العلمية الحيّة إحداهما بحياة القلب ، والمتنوّرة ثانيتهما بنوره ، في جملة تسع آيات هما ثنتان منها والباقية هي السبع المشار إليها في قول المتكلمين بالقدماء السبعة : وهي الصفات الإلهية التي تجلى بها الحق تعالى على القلب فقامت مقام صفاته ، وهي الحياة والقدرة والعلم والإرادة والسمع والبصر والتكلم. (إِلى فِرْعَوْنَ) النفس الأمّارة بالسوء المحجوبة بالأنائية (وَقَوْمِهِ) من قواها كلما ظهرت بتفرعنها على أية صفة في أي مظهر ظهرت وأينما وجدت اذهب بهذه الصفات (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) خارجين عن دين الحق وطاعته بدين الهوى ، منكرين للتوحيد بظهورهم.
[١٣ ـ ١٦] (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (١٣) وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٤) وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (١٥) وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (١٦))
(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا مُبْصِرَةً) منه نورانية تحيّروا فيها (وَجَحَدُوا بِها) بظهورهم بصفاتها ومخالفتها (ظُلْماً وَعُلُوًّا) وإن استيقنتها أنفسهم من طريق العلم والعقل لتفرعنها وتعوّدها بالاستعلاء وعدم ملكية العدل (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ) عاقبتهم من الغرق في يمّ القطران لإفسادهم في أرض البدن بالطغيان (وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ) الروح (وَسُلَيْمانَ) القلب (عِلْماً) واتّصفا بالصفات الربانية العامة وذلك قولهما : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ).