مقام البقاء بعد الفناء فيتجدّد جميع الصلوات الست مع سابعة وهي صلاة الحق بالمحبة والتفريد.
(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) فالصلاة البدنية تنهى عن المعاصي والسيئات الشرعية ، وصلاة النفس تنهى عن الرذائل والأخلاق الرديئة والهيئات المظلمة ، وصلاة القلب تنهى عن الفضول والغفلة ، وصلاة السرّ تنهى عن الالتفات إلى الغير والغيبة ، كماقال عليهالسلام : «لو علم المصلي من يناجي ما التفت». وصلاة الروح عن الطغيان بظهور القلب بالصفات كنهي صلاة القلب عن ظهور النفس بها ، وصلاة الخفاء عن الاثنينية وظهور الأنانية ، وصلاة الذات تنهى عن ظهور البقية بالتلوين وحصول المخالفة في التوحيد (وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) الذي هو ذكر الذات في مقام الفناء المحض ، وصلاة الحق عند التمكين في مقام البقاء أكبر من جميع الأذكار والصلوات (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) في جميع المقامات والأحوال والصلوات.
[٤٦ ـ ٤٨] (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٤٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧) وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨))
(وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) إنما منع المجادلة مع أهل الكتاب إلا بالطريقة التي هي أحسن لأنهم ليسوا محجوبين عن الحق بل عن الدين ، فهم أهل استعداد ولطف لا أهل خذلان وقهر. وإنما ضلّوا عن مقصدهم الذي هو الحق في الطريق لموانع وعادات وظواهر فوجب في الحكمة مرافقتهم في المقصد الذي هو التوحيد كما قال : (وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ) ومرافقتهم في الطريق ما استقام منها ووافق طريق الحق ، لا ما اعوجّ وانحرف عن المقصد كالانقياد والاستسلام للمعبود بالحق الواحد المطلق كما قال : (وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) ليتحقق عندهم أنهم على الحق متوجهون إلى مقصدهم سالكون لسبيله ، فتطمئن قلوبهم. وملاطفتهم في بيان كيفية سلوك الطريق بتصويب ما هو حق مما هم عليه وتبصير ما هو باطل لاحتجابهم عنه بالعبادة ، كقوله : (آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) لمناسبتهم ومشاركتهم إياهم في اللطف ، فيستأنسوا بهم ويقبلوا قولهم ويهتدوا بهداهم إلا الذي ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون فبطل استعدادهم وحجبوا عن ربّهم ، وهم الذين ظلموا منهم على أنفسهم بإبطال استعداداتهم ونقص حقوقها من