وعلامة عنايته تعالى به ، وعدم السعي من خذلانه وآية كونه غير معني به ، فإن أعمالنا معرّفات لا موجبات.
[٧] (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ (٧))
(يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) وأنّ وجوه المكاسب منوطة بسعي العباد وتدبيرهم (وَهُمْ) عن الباطن وأحوال العالم الروحاني (هُمْ غافِلُونَ) لا يفطنون أن وراء هذه الحياة المنقطعة حياة سرمدية كما قال : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (١) ، وأنّ وراء تدبير العباد وسعيهم لله تعالى تقديرا وحكما.
[٨ ـ ١٠] (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلاَّ بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ (٨) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩) ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ (١٠))
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ) سموات الغيوب السبعة وأرض البدن (وَما بَيْنَهُما) من القوى الطبيعية والملكوت الأرضية والروحانية ، والملكوت السماوية والصفات والأخلاق وغيرها إلا بالحكمة والعدل وظهور الحق في مظاهرهم بالصفات على حسب استعداد قبولها لتجلّيه (وَأَجَلٍ مُسَمًّى) هو غاية كمال كل منهم وفنائه فيالله بمقتضى هوية استعداده الأول حتى يشهدوا بقدر استعدادهم وإلقاء الله فيهم بصفاته وذاته (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) لاحتجابهم عنه ، فيتوهمون أنه لا يكون إلا بالمقابلة الصورية في عالم آخر باندراج الهوية في الهوية.
[١١] (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١١))
(اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ) بإظهار الفرس على الروم (ثُمَّ يُعِيدُهُ) بإظهار الروم على الفرس (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالفناء فيه.
[١٢ ـ ١٦] (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (١٢) وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ (١٣) وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ (١٦))
__________________
(١) سورة العنكبوت ، الآية : ٦٤.