شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤) يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٦) وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ (١٧) وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (٢٠) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (٢١) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢) إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ (٢٣) إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيها نَذِيرٌ (٢٤) وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ (٢٦) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ (٢٧))
(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) أي : العزة صفة من صفات الله مخصوصة به ، من أرادها فعليه بالفناء في صفات الله تعالى عن صفاته ، ثم علّم طريق التجريد ومحو الصفات بقوله : (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) أي : النفوس الصافية الطيبة عن خبائث الطبائع الباقية على نور فطرتها ، الذاكرة لميثاق توحيدها (وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ) بالتزكية والتحلية (يَرْفَعُهُ) أي : يرفع ذلك الجنس الطيب إلى حضرته دون غيره فيتّصف بصفة العزّة وسائر الصفات. أو إليه يصعد العلم الحقيقي من التوحيد الأصلي الفطري الطيب عن خبائث التوهمات والتخيلات والعمل الصالح بمقتضاه يرفعه دون غيره كماقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «العلم مقرون بالعمل ، والعلم يهتف بالعمل ، فإن أجابه وإلا ارتحل» ، أي : سلم الصعود إلى الحضرة الإلهية هو العلم والعمل لا يمكن الترقي إلا بهما ولا يكفي التوحيد الذي هو الأصل في الاتّصاف بعزّته وسائر صفاته لأن الصفات مصادر الأفعال فما لم يترك الأفعال النفسية التي مصادرها صفات النفس بالزهد والتوكل ولم يتجرّد عن هيئاتها بالعبادة والتبتل لم يحصل استعداد الاتصاف بصفاته تعالى ، فكان العلم الحقيقي الذي هو التوحيد بمثابة عضادتي السلم والعمل بمثابة الدرجات في الترقي.
(وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) بظهور صفات النفوس وإن كانوا عالمين (لَهُمْ عَذابٌ) من هيئات الأعمال القبيحة المؤذية (شَدِيدٌ).