(ثُمَّ أَوْرَثْنَا) منك هذا (الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا) المحمديين المخصوصين من عند الله بمزيد العناية وكمال الاستعداد بالنسبة إلى سائر الأمم لأنهم لا يرثون ولا يصلون إليه إلا منك وبواسطتك لأنك المعطي إياهم الاستعداد والكمال فنسبتهم إلى سائر الأمم نسبتك إلى سائر الأنبياء (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) بنقص حق استعداده ومنعه عن خروجه إلى الفعل وخيانته في الأمانة المودعة عنده بحملها وإمساكها والامتناع عن أدائها لانهماكه في اللذات البدنية والشهوات النفسانية (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) يسلك طريق اليمين ويختار الصالحات من الأعمال والحسنات ، ويكتب الفضائل والكمالات في مقام القلب (وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) التي هي تجليات الصفات إلى الفناء في الذات (بِإِذْنِ اللهِ) بتيسيره وتوفيقه ، (ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ).
[٣٣] (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ (٣٣))
(جَنَّاتُ عَدْنٍ) من الجنان الثلاث (يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ) صور كمالات الأخلاق والفضائل والأحوال والمواهب المصوغة بالأعمال من ذهب العلوم الروحانية ولؤلؤ المعارف والحقائق الكشفية الذوقية فلباسهم فيها حرير الصفات الإلهية.
[٣٤ ـ ٣٥] (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (٣٤) الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (٣٥))
(وَقالُوا) بألسنة أحوالهم وأقوالهم عند اتّصافهم بجميع الصفات الحميدة حالة البقاء بعد الفناء (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ) اللازم لفوات الكمالات الممكنة بحسب الاستعدادات بهبته لنا إياها في هذا الوجود الحقاني (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) جزاؤنا منه أوفى وأبقى مما نستحقه بسعينا (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ) الإقامة الدائمة التي لا انتقال منها بوجه في هذا الوجود الموهوب من عطائه الصرف وفضله المحض (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ) بالسعي والانتقال (وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) بالسير والترحال.
[٣٦ ـ ٤٥] (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (٣٧) إِنَّ اللهَ عالِمُ غَيْبِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٣٨) هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً وَلا يَزِيدُ الْكافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَساراً (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا