الحسنات أمين على كاتب السيئات ، فإذا عمل حسنة كتبها ملك اليمين عشرا ، وإذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب اليسار : دعه سبع ساعات لعله يسبّح أو يستغفر».
[١٩ ـ ٢٠] (وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (١٩) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠))
(وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ) أي : شدّته المحيرة الشاغلة للحواس المذهلة للعقل (بِالْحَقِ) بحقيقة الأمر الذي غفل عنه من أحوال الآخرة والثواب والعقاب ، أي : أحضرت السكرة التي منعت المحتضر عن الإدراكات الخارجية أحواله الباطنة وأظهرت عليه (ذلِكَ ما كُنْتَ) أيها المحتضر (مِنْهُ تَحِيدُ) أي : تميل إلى الأمور الظاهرة وتذهل عنها (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) للإحياء ، أي : أحيى كل منهم في صورة تناسبه في الآخرة (ذلِكَ) النفخ وقت تحقق الوعيد بشهود ما قدم من الأعمال وما أخّر.
[٢١] (وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ (٢١))
(وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ) من علمه (وَشَهِيدٌ) من عمله لأن كل أحد ينجذب إلى محل نظره وما اختاره بعلمه ، والميل الذي يسوقه إلى ذلك الشيء إنما نشأ من شعوره بذلك الشيء وحكمه بملائمته له سواء كان أمرا سفليا جسمانيا بعثه عليه هواه وأغراه عليه وهمه وقواه ، أو أمرا علويا روحانيا بعثه عليه عقله ومحبته الروحانية وحرّضه عليه قلبه وفطرته الأصلية. فالعلم الغالب عليه سائقه إلى معلومه ، وشاهده بالميل الغالب عليه والحب الراسخ فيه والعمل المكتوب في صحيفته يشهد عليه بظهوره على صور أعضائه وجوارحه وينطق عليه كتابه بالحق وجوارحه بهيئات أعضائه المتشكلة بأعماله.
[٢٢ ـ ٢٣] (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢) وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣))
(لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا) لاحتجابك بالحس والمحسوسات وذهولك عنه لاشتغالك بالظاهر عن الباطن (فَكَشَفْنا عَنْكَ) بالموت (غِطاءَكَ) المادي الجسماني الذي احتجبت به (فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) أي : إدراكك لما ذهلت عنه ولم تصدق بوجوده يقينا قوي تعاينه (وَقالَ قَرِينُهُ) من شيطان الوهم الذي غرّه بالظواهر وحجبه عن البواطن (هذا ما لَدَيَ) مهيأ لجهنم ، أي : ظهر تسخير الوهم إياه في التوجه إلى الجهة السفلية وإنه ملكه واستعبده في طلب اللذات البدنية حتى هيأه لجهنم في قعر الطبيعة.
[٢٤ ـ ٢٦] (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ (٢٦))