(كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) شبهت اللواتي في جنّة النفس من الحور بالياقوت لكون الياقوت مع حسنه وصفائه ورونقه وبهائه ذا لون أحمر يناسب لون النفس ، واللواتي في جنة القلب بالمرجان لغاية بياضه ونوريته ، وقيل : صغار الدرّ أصفى وأبيض من كبارها.
[٦٠ ـ ٦١] (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦١))
(هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ) في العمل وهو العبادة مع الحضور (إِلَّا الْإِحْسانُ) في الثواب بحصول الكمال والوصول إلى الجنّتين المذكورتين.
[٦٢ ـ ٦٥] (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ (٦٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٣) مُدْهامَّتانِ (٦٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٥))
(وَمِنْ دُونِهِما) أي : من ورائهما من مكان قريب منهما كما تقول : دونك الأسد ، لا من دونهما بالنسبة إلى أصحابهما فيكون بمعنى قدّامهما بل بمعنى بعدهما أو من غيرهما ، كقوله : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) (١).
(جَنَّتانِ) للمقرّبين السابقين ، جنة الروح وجنة الذات في عين الجمع عند الشهود الذاتي بعد المشاهدة في مقام الروح (مُدْهامَّتانِ) أي : في غاية البهجة والحسن والنضارة.
[٦٦ ـ ٦٧] (فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ (٦٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٧))
(فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ) أي : علم توحيد الذات وتوحيد الصفات أعني علم الفناء وعلم المشاهدة فإنهما ينبعان فيهما ، بل العلمان المذكوران الجاريان في الجنتين المذكورتين منبعهما من هاتين الجنّتين ينبعان منهما ويجريان إلى تينك.
[٦٨ ـ ٦٩] (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٦٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٦٩))
(فِيهِما فاكِهَةٌ) وأيّ فاكهة؟! فاكهة لا يعلم كنهها ولا يعرف قدرها من أنواع المشاهدات والأنوار والتجليات والسبحات (وَنَخْلٌ) أي : ما فيه طعام وتفكه ، وهو مشاهدة الأنوار وتجليات الجمال والجلال في مقام الروح وجنّته مع بقاء نوى الإنية المتقوتة منها المتلذذة بها (وَرُمَّانٌ) أي ما فيه تفكه ودواء في مقام الجمع وجنة الذات أي : الشهود الذاتي بالفناء المحض الذي لا أنية فيه فتطعم بل اللذة الصرفة ودواء مرض ظهور البقية بالتلوين ، فإن في الرمان صورة الجمع مكنونة في قشر الصورة الإنسانية.
[٧٠ ـ ٧١] (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ (٧٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٧١))
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٩٨.