(يُسْراً) أي : متى راعى آداب مقامه واجتنب ذنوب حاله في المواطن تيسر له الترقي منه إلى أعلى ذلك اليسر المرتب على التقوى في كل مرتبة.
[٥ ـ ١١] (ذلِكَ أَمْرُ اللهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (٥) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى (٦) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً (٧) وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً (٨) فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً (٩) أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً (١٠) رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً (١١))
(أَمْرُ اللهِ) وشأنه المخصوص به وهو التوفيق على حسب الاستعداد والفيض بقدر القبول (أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ) ثم كرر للمبالغة تفصيل ما أجمل فقال : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ) أي : موانعه وهيئات نفسه الحاجبة عن الفيض ، المانعة للمزيد (وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) بإفاضة ما يناسب حاله بحسب القبول والاستعداد الجديد من الجمال (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ) أي : اعتبروا بحال الأمم الماضيين من المنكرين المعاندين وما نزل بهم من العذاب والوبال فاتّقوا الله في أوامره ونواهيه إن خلصت عقولكم من شوب الوهم ، فإن اللبّ هو العقل الخالص من شوائب الوهم وذلك بخلوص القلب من شوائب صفات النفس والرجوع إلى الفطرة ، وإذا خلص العقل من الوهم والقلب من النفس كان الإيمان يقينيا فلذلك وصفهم : ب (الَّذِينَ آمَنُوا) أي : الإيمان التحقيقي.
(قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) أي : فرقانا مشتملا على ذكر الذات والصفات والأسماء والأفعال والمعاد (رَسُولاً) أي : روح القدس الذي أنزله به فأبدل منه بدل الاشتمال لأن إنزال الذكر هو إنزاله بالاتصال بالروح النبوي وإلقاء المعاني في القلب (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ) أي : يجلي عليكم صفاته ويكشف لكم توحيدها (مُبَيِّناتٍ) متجليات أو مجليات لأنوار الذات (لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا) الإيمان اليقيني من ظلمات صفات القلب إلى نور الروح ومقام المشاهدة (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ) الإيمان العيني بالمشاهدة (وَيَعْمَلْ صالِحاً) بالسير في الله بالله (يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ) من مشاهدات تجليات صفاته ومطالعات أنوارها (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) أنهار علوم توحيد الأفعال والصفات والذات (قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) من تلك العلوم.