مُسَنَّدَةٌ) (١) ، (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ) أي : أقوياء بحسب الصورة لا معنى فيهم ولا حياة ، ساقطون عن درجة الاعتبار والوجود الحقيقي إذ لا يقومون بالله (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) أي : بقاء أو نفس باقية لأنهم فانون من أسرهم.
[٩] (وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (٩))
(وَجاءَ فِرْعَوْنُ) النفس الأمارة (وَمَنْ قَبْلَهُ) من قواها وأعوانها (وَالْمُؤْتَفِكاتُ) من القوى الروحانية المنقلبة عن طباعها بالميل إلى الظاهر والانقلاب عن المعقول إلى المحسوس (بِالْخاطِئَةِ) بالخصلة التي هي خطأ وهي المجاوزة عن البواطن إلى الظواهر.
[١٠] (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (١٠))
(فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ) أي : العقل الهادي إلى الحق (فَأَخَذَهُمْ) بالغرق في بحر الهيولى ورجفة اضطراب مزاج البدن وخرابه (أَخْذَةً) زائدة في الشدّة.
[١١ ـ ١٢] (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (١١) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (١٢))
(إِنَّا لَمَّا طَغَى) ماء طوفان الهيولى (حَمَلْناكُمْ) في جارية الشريعة المركبة من الكمال العلمي والعملي (لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً) لعالم القدس وحضرة الحق التي هي مقرّكم الأصلي ومأواكم الحقيقي (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) أي : تحفظها أذن حافظة لما سمعت من الله في بدء الفطرة باقية على حالها الفطرية غير ناسية لعهده وتوحيده ، وما أودعها من أسراره بسماع اللغو في هذه النشأة وحفظ الباطل من الشيطان والإعراض عن جناب الرحمن ، ولهذا لما نزلتقال النبي صلىاللهعليهوسلم لعليّ عليهالسلام : «سألت الله أن يجعلها أذنك يا عليّ» ، إذ هو الحافظ لتلك الأسرار كماقال : «ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة».
[١٣] (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ (١٣))
(فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ) هي النفخة الأولى التي للإماتة في القيامة الصغرى إذ يمنع حمله على الكبرى قوله : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) (٢) وما بعده من التفصيل. وهذا النفخ عبارة عن تأثير الروح القدسي بتوسط الروح الإسرافيلي الذي هو موكل بالحياة في الصورة الإنسانية عند الموت لإزهاق الروح فيقبضه الروح العزرائيلي وهو تأثير في آن واحد ، فلذلك وصفها بالوحدة.
__________________
(١) سورة المنافقون ، الآية : ٤.
(٢) سورة الحاقة ، الآية : ١٩.