(وَجَعَلْنا) أي : خلقنا من النطفة كل حيوان (وَجَعَلْنا) في أرض الجسد (رَواسِيَ) العظام كراهة أن تضطرب وتجيء وتذهب وتختلف بهم فلا تقوم بهم وتستقل (وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً) مجاري ، طرقا للحواس وجميع القوى (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) بتلك الحواس والطرق إلى آيات الله فيعرفوه.
[٣٢] (وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ (٣٢))
(وَجَعَلْنَا) سماء العقل (سَقْفاً) مرتفعا فوقهم (مَحْفُوظاً) من التغير والسهو والخطأ (وَهُمْ) عن حججها وبراهينها (مُعْرِضُونَ).
[٣٣ ـ ٣٨] (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٣٣) وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ (٣٤) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ (٣٥) وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ (٣٦) خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣٨))
(وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ) ليل النفس ونهار العقل الذي هو نور شمس الروح وقمر القلب (كُلٌّ فِي فَلَكٍ) أي : مقرّ علوي وحدّ ومرتبة من سموات الروحانيات يسيرون إلى الله (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) إذ النفس التي هي أصل الخلقة دائمة الطيش والاضطراب لا تثبت على حال فهو مجبول على العجل ولو لم يكن كذلك لم يكن له السير والترقي من حال إلى حال إذ الروح دائم الثبات وبتعلقه بالنفس يحصل وجود القلب ويعتدل بهما في السير ، فما دام الإنسان في مقام النفس ولم يغلب عليه نور الروح والقلب المفيد للسكينة والطمأنينة يلزمه العجلة بمقتضى الجبلة.
[٣٩ ـ ٤٥] (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٣٩) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (٤٠) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤١) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣) بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها أَفَهُمُ الْغالِبُونَ (٤٤) قُلْ إِنَّما أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا ما يُنْذَرُونَ (٤٥))
(لَوْ يَعْلَمُ) المحجوبون عن الرحمن العامّ الفيض وعن المعاد الشامل للكل وقت إحاطة العذاب بهم جميع الجهات بأمر الرحمن المحيط العلم الوحداني الأمر فلا يقدرون أن يمنعوه