جهتي الربوبية والسفالة لا في ظلمة الجسم وكثافته ولا في ضوء الروح ولطافته كما قال : (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) (١) على الأول ، وعدّل مزاجها وتركيبها على الثاني ، وأعدّها لقبول الكمال ووسطها بين العالمين على الثالث.
[٨] (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨))
(فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) أي : أفهمها إياهما وأشعرها بهما بالإلقاء الملكي والتمكين من معرفتهما وحسن التقوى وقبح الفجور بالعقل الهيولاني.
[٩] (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩))
(قَدْ أَفْلَحَ) بالوصول إلى الكمال وبلوغ الفطرة الأولى (مَنْ زَكَّاها) وطهرها.
[١٠ ـ ١٥] (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥))
(وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) وأخفاها في تراب البدن عن نور الحق ورحمته وجواب القسم محذوف ، أي : ليهلكنّ المحجوبون المكذبون للنبي بطغيانهم كما أهلكت ثمود لتكذيبهم نبيهم بطغيانهم لعدم قبول ذلك الإلهام وبقائهم على الفجور واحتجاب العقل واستيلاء ظلمة النفس وقد مرّ تأويل الناقة وسقياها والله تعالى أعلم.
__________________
(١) سورة النور ، الآية : ٣٥.