وهذه مرتبة متأخرة عن المرتبة الأولى ، فكيف يعقل أخذهما معا في عالم التسمية في عرض واحد؟.
وأجاب السيد الأستاذ عنه ، بأنهما وأن كانا طوليين ، لكن لا مانع بأن يوضع اللفظ الواحد للأمرين الطوليين كما نسمي الأب والابن معا بلفظ واحد ، فكون الشرط في طول المقتضي بحسب عالم الخارج ، لا ينافي كونه في عرضه في عالم التسمية ، وفي مقام الوضع نضع اللفظ لهما معا ، وإن كان أحدهما في طول الآخر في عالم الخارج.
وهذا الكلام غريب منهما ، فكأنهما تخيلا أن الشرط والمقتضي بينهما طولية ، فوقع الكلام بينهم ، في أنه هل يعقل الجمع بين الطوليين ، أو لا يعقل الجمع بين الطوليين؟. وهذا خلط بين ذات المقتضي وذات الشرط وبين تأثير المقتضي وتأثير الشرط ، فإن ذات المقتضي وذات الشرط لا طولية بينهما بل هما عرضيان ، وقد يتفق أحيانا أن يكون الشرط أسبق زمانا من المقتضي ، ألا ترى ، أن هذا الدواء مقتضي للأثر الفلاني في المزاج ، لكن شرط ذلك ، حرارة المناخ ، فهل هناك ترتب طولي بين الحرارة وما بين استعمال الدواء!. ليس هناك ترتب طولي بينهما ، وإنما الترتب الطولي بين تأثير المقتضي وتأثير الشرط ، كالقابلة بالنسبة إلى الحامل ، فوظيفة الشرط تتميم فاعلية الفاعل أو قابلية القابل ، فدور الشرط دور المساعد في إخراج المقتضى من مقتضيه ، فالطولية بين التأثيرين لا بين ذات المقتضي وذات الشرط. إذن فذات فاتحة الكتاب مع ذات الطهارة ليس بينهما طولية حتى يقع الكلام في مسألة الوضع لأمرين طوليين ، فلا ينبغي الاستشكال في أن الشرائط أيضا داخلة في منظور القائل بالصحيح.
وأما قصد القربة ، وقصد الأمر ، فإن قيل بأنه لا يعقل أخذه في متعلق الأمر ، حينئذ لا ينبغي أن يقال بدخل قصد القربة في المسمّى ، لما بيناه في المقام السابق ، من أن الصحيحي مدعو إلى أن يصوّر سنخ مسمّى يعقل تعلق الأمر به ، لأن التسمية إنما كانت استطراقا إلى الأمر بالشيء ، فإذا لم يكن