تعليقة ص : ١٤ ، س : ١٣ ـ قوله : ... وإقامة الحجَّة مقَامَه.
ذكر أنّه من الواضح كون المقصود من هذه التعاريف تفسير الاجتهاد في الفقه ، بمعنى استنباط الأحكام الفرعيّة ، ومن المعلوم أنّ تحديد الاجتهاد ب ـ «تحصيل الحجّة على الحكم الشرعيّ» يناسب الاجتهاد في علم الأصول المعدّ لتمهيد القواعد وبيان الأدلّة على الأحكام. فالباحث عن مسألة حجيّة خبر الثقة أو العدل مثلاً ـ من خلال إقامة الأدلة القطعيّة على الحجية من الآيات والروايات وسيرة العقلاء ونحوها ـ يستفرغ وسعه في تحصيل الحجّة كخبر الثقة مثلاً على الحكم الشرعيّ. وقد عرّف علم الأُصول بأنّه : «علم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الأحكام الشرعيّة» والقواعد هي الحجج على الأحكام الشرعية ، مع أنّ الاجتهاد في الفقه هو تحصيل الحكم الفرعيّ من الدّليل بعد الفراغ عن إثبات دليليّته في علم الأُصول ، وليس هو تحصيل الدّليل على الحكم.
تعليقة ص : ١٥ ، س : ١٣ ـ قوله : ... كما في مجاري الأُصول.
أي العقليّة دون الأصول العمليّة الشرعيّة بناءً على كونها أحكاماً ظاهريّة ، هذا وأورد على تعريف الاجتهاد بالملكة : بامتناع تعريف ما يكون من مقولة بمقولة أُخرى ، إذ الاجتهاد «افتعال» وهو نفس استنباط الحكم من دليله ، وليس ملكة حتى يكون استخراج الأحكام من أدلّتها أثراً لها ، كما في مثل ملكة الشجاعة أو العدالة أو السخاوة من الملكات الخلقيّة الحاصلة من الأفعال المسانخة لآثارها ، فالشّجاع بعد تكرّر مصاديق الشّجاعة منه كمنازلة الأبطال والإقدام في المخاطر والمخاوف ، تحصل له ملكة الشّجاعة ، وبعد حصولها تكون الأفعال الصّادرة منه آثاراً لتلك القوّة الرّاسخة في نفسه ، ومسانخة للأفعال السّابقة على حصول وتحقّق الملكة ، فما سبق منه من الأفعال وما تأخّر ـ بعد حصول الملكة ـ متماثلان. وهذا بخلاف الاجتهاد الّذي هو استنباط الأحكام الفرعيّة المتوقّف ـ والمتّأخر عن حصول الملكة ـ على الاستنباط المنوطة بإتقان مبادئ الاجتهاد ـ وأهمّها علم الأصول ـ الدّخيلة في تحصيل الحجّة على الحكم الشرعيّ. فالعمل والاستنباط متأخّران عن الملكة من غير أن يكون لهما دخل في حصول ملكة الاستنباط ، وعليه لا وجه لدعوى الملازمة بين حصول الملكة (ملكة الاستنباط) وبين الاستنباط الخارجيّ ، فإنّ صاحب الملكة قد لا يتصدّى لاستخراج الأحكام الشرعيّة