(وَرَسُولُهُ) الذي أخرجكم ـ بإذنه تعالى ـ من ظلمات الكفر إلى نور التوحيد. (وَالَّذِينَ آمَنُوا) الذين هم منكم وأنتم منهم والذين (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) في مواقيتها بخشوع وإخلاص (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) لمستحقيها بسماحة وطيب نفس (وَهُمْ راكِعُونَ) أى : خاشعون متواضعون لله ، وليسوا مرائين أو منانين.
وقوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ) جملة من مبتدأ وخبر. وقوله : (وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) معطوف على الخبر.
قال صاحب الكشاف : ومعنى (إِنَّما) وجوب اختصاصهم بالموالاة. فإن قلت قد ذكرت ـ الآية ـ جماعة فهلا قيل إنما أولياؤكم؟ قلت : أصل الكلام إنما وليكم الله ، فجعلت الولاية لله على طريق الأصالة ، ثم نظم في سلك إثباتها له ، إثباتها لرسوله وللمؤمنين على سبيل التبع. ولو قيل : إنما أولياؤكم الله ورسوله والذين آمنوا ، لم يكن في الكلام أصل وتبع (١).
والمراد بالذين آمنوا عامة المؤمنين وليس فردا معينا منهم.
قال ـ تعالى ـ : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ ، أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢).
وما ورد من آثار تفيد أن المراد بالذين آمنوا شخصا معينا وهو على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ لا يعتمد عليها ، لأنها كما يقول ابن كثير ـ «لم يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها».
وقد توسع الإمام الرازي في الرد على الشيعة الذين وضعوا هذه الآثار فارجع إليه إن شئت (٣).
وقوله : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) بدل من الذين آمنوا.
وهما وصفان لهم ساقهما ـ سبحانه ـ على سبيل الثناء عليهم والمدح لهم.
وقوله : (وَهُمْ راكِعُونَ) حال من فاعل الفعلين ـ يقيمون ويؤتون ـ أى : يعملون ما ذكر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وهم خاشعون خاضعون لله ـ تعالى ـ إذ الركوع قد يطلق بمعنى الخضوع لله ـ تعالى ـ :
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ١ ص ٦٤٨.
(٢) سورة التوبة الآية ٧١.
(٣) راجع تفسير الفخر الرازي ج ١٢ ص ٢٦ وما بعدها.